وبعد كل هذا يقال عن العبد الصالح النجاشي، أنه عندما اعترف بالإسلام، لم يعترف اعترافًا جازمًا، وكان على رأس نظام الكفر والتثليث، يحكم بغير ما أنزل الله، عجبًا! لقد قالوا ما لو أدركه "على عبد الرازق" قبل شؤمه الذي كتب، لاشتد بهم فرحه.
٦- أما عن إمكان الخلط بين كون النجاشي مات ملكًا ولم يحكم بحكم الله، فهو وهم كما بينا، نتج من اعتبار أن النجاشي الذي كتب له رسول الله ﷺ عام ست هجرية ومات ملكًا عام تسع، هو النجاشي الذي قابله عمرو بن العاص، والذي صلى عليه رسول الله ﷺ.
فإن هذا غير ذاك، كما ذكر ابن القيم في "زاد المعاد"، وذكر أن صحيح مسلم أوضح ذلك.
جاء في صحيح مسلم::حدثني يوسف بن حماد والمعنى حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن أنس أن نبي الله ﷺ كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله تعالى، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي ﷺ".
وذكر مسلم نفس الحديث بسندين مختلفين عن هذا، كلها عن أنس، ولم يذكر فيها قوله: "وليس بالنجاشي" ولكن يتضح من مقارنة ذلك مع قصة عمرو بن العاص، أن رواة السندين الأخيرين قد وهموا، أو نسوا ما ثبت في رواية الطريق الأول. والله أعلم.
1 / 114