الحقیقه: مقدمه قصیره جدا
الحقيقة: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
حتى في سيناريو المحاكاة، يمكن أن نكون على يقين أن هناك من هو واقعي، على الرغم من أننا غير واقعيين. ونحن، ككائنات تمت محاكاتها، قد لا نكون جزءا من المستوى الأساسي من الواقع، ولكن من يحاكوننا جزء منه. وإذا لم يكونوا جزءا من الواقع، فإن من يحاكونهم جزء منها. في النهاية هناك شخص يجب أن يكون واقعا. ولكن إذا طبقنا فكرة جوانج زي على سيناريو المحاكاة، فسيكون لدينا حالة نقوم فيها بإدارة عملية محاكاة لكائنات تمت محاكاتها، وهذه الكائنات تدير عملية محاكاة لكائنات أخرى تمت محاكاتها بدورها، وهذه الكائنات الأخيرة مماثلة لنا تماما. لقد تحول الهيكل الهرمي للمحاكاة إلى دائرة مفرغة.
شكل 1-6: لوحة «معرض اللوحات» لإم سي إيشر.
يمكننا رؤية تمثيل مرئي طريف لهذه الدائرة المغلقة في لوحة إم سي إيشر «معرض اللوحات». تصور هذه اللوحة شابا في معرض صور ينظر إلى لوحة بها ميناء ومدينة من الخلف. بدخولنا إلى الصورة وفحصنا للمدينة، نرى امرأة تجلس في نافذة فوق معرض صور، وفيه ينظر الشاب نفسه إلى الصورة التي نحن بداخلها! وكما هو الحال في سيناريو جوانج زي؛ حيث من المستحيل أن تميز إذا ما كنت داخل الحلم أو خارجه، أو داخل عملية محاكاة أو خارجها؛ ففي هذه الحالة من المستحيل أن نحدد إذا ما كان الشاب خارج الصورة؛ ومن ثم فهو واقعي؛ أم إنه جزء من الصورة؛ ومن ثم فهو غير واقعي. هناك أسباب وجيهة لكلا الرأيين: إذا بدأنا بالشاب، فسنرى أنه يقف أمام الصورة، وإذا بدأنا بالصورة، فسنرى أن الشاب موجود فيها بوضوح. لا تكمن المشكلة فقط في عدم معرفتنا أي الرأيين هو الرأي السليم؛ فنحن لا نستطيع أن نتيقن بشكل نهائي أن أحد الرأيين هو الصائب؛ نظرا لعدم وجود أي معلومات إضافية جديدة، وعدم وجود أي حقائق أخرى يمكننا الاستناد إليها للتأكد من حقيقة الأمر . بعد الشك فيما إذا كان العالم من حولنا واقعيا أو ما إذا كنا نحن أنفسنا واقعيين، يبدو أن ثمة يقينا آخر قد ضرب به عرض الحائط؛ أيا كان شكل العالم، فهناك شيء أو شخص واقعي، حتى إذا لم نكن نحن كذلك.
الفصل الثاني
هل المادة واقع؟
عندما التقى نيو ومورفيوس لأول مرة في واقع محاكى يطلق عليه «البناء»، اقترح مورفيوس طريقة لتعريف الواقع:
ما «الواقع»؟ كيف تعرف «الواقع»؟ إذا كنت تعني ما نستطيع تذوقه وشمه وسماعه والإحساس به؛ إذن الواقع ليس سوى إشارات كهربية يترجمها دماغك.
بعبارة أخرى، الواقع هو ما يظهر لحواسك. هذا التعريف، والذي سنطلق عليه «تعريف فيلم ماتريكس»، هو تعريف عجيب في عدة مناح؛ فالإلكترونات، ورقم 5، والركود الاقتصادي الأخير؛ كلها أشياء لا نستطيع تذوقها أو شمها أو سماعها أو الإحساس بها، ولكن معظم الناس متفقون على أنها واقع. من ناحية أخرى، الحشرات الوهمية التي تظهر أمام مدمني الكحول أثناء الهذيان الارتعاشي، والأصدقاء الوهميون الذين يتحدث معهم الأطفال، والروائح الوهمية التي يشمها المرضى المصابون بألزهايمر؛ كلها أشياء مرئية ومسموعة ومشمومة، ولكنها ليست واقع؛ من ثم فنحن في حاجة لتعريف أفضل للواقع.
إن مجرد ظهور الشيء لحواسنا ليس دليلا كافيا على واقع وجود هذا الشيء؛ فالهلاوس والظواهر المرتبطة بها كلها ليست من الواقع، وفقا لما نقوله، لأنها غير مرئية أو ملموسة أو مشمومة من قبل أي شخص آخر؛ فهي ليست ظاهرة لحواس أي شخص آخر بخلاف الشخص الذي تراوده الهلاوس. على هذا يمكننا تعريف «الواقع» ليعني أي شيء ظاهر لحواس عدد كبير كاف من المشاهدين. وسيتيح لنا ذلك التفرقة بين خيالاتنا الخاصة وهلاوسنا وبين شكل العالم الذي يشترك الجميع في رؤيته. إن علامة الواقع ليس أنه يظهر لبعض الناس بعض الوقت، وإنما أنه يظهر لمعظم الناس معظم الوقت. وهذه الفكرة، التي ترى أن الواقع لا يصل إليه إلا أغلبية من العقول تعمل معا في انسجام، حدث لها بعض التشويه والتحريف في رواية جورج أورويل «1984» عندما قال عضو الحزب الداخلي أوبرين:
أقول لك يا وينستون، الواقع ليس خارجيا، الواقع موجود في العقل البشري وليس في أي مكان آخر. ليس في عقل الفرد، الذي يمكن أن يرتكب أخطاء، وفي كل الحالات سرعان ما يذهب في طي النسيان؛ وإنما في عقل الحزب، وهو عقل جمعي وخالد.
ناپیژندل شوی مخ