والحجة عليهم من العقل أنهم مجمعون معنا على أن حجج الله على خلقه ثلاث؛ وهي العقل والكتاب والرسول، وهم أيضا مجمعون معنا على أن الله تعالى تعبد المكلفين بمعقول ومسموع.
فنقول: لا يخلو الكتاب المسموع كله من أن يكون الكلام أو المتكلم.
فإن قالوا: هو المتكلم [نفسه] أوجبوا أن كل متكلم بالمسموع حجة في ذاته، فيصير كل إنسان ممن يتكلم بالمسموع حجة لله بذاته، فهذا ما لا يتكلم به عاقل.
وإن قالوا: الحجة الملك الذي لم يفارق القرآن قلبه، أو القرآن الذي هو في قلبه لم يفارقه. قلنا: فليس بمسموع؛ لأنا لم نسمع الملك، وإذا لم ينزل القرآن، ولم يفارقه فليس بحجة، فبطل أن يكون المتكلم حجة، إلا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن فلم نسمعه بذاته، لكن سمعنا كلامه، وما جاء به، إذ لم نشاهده، فصح أن الحجة هو الكلام المسموع.
ومن الكتاب قوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}[الأعراف:204]، وقوله: {إنا سمعنا قرآنا عجبا}[الجن:1]، وقوله: {إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى }[الأحقاف:30]، وقوله تعالى: {وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به }[الجن:13]، وأمثال ذلك كثير في الكتاب.
وأيضا فنقول لهم: أخبرونا عن الكلام الذي سمعه موسى من الشجرة، هل سمع الشجرة ولم يسمع الكلام، أو سمع الكلام؟
مخ ۹۳