فصل في الكلام في العقل
وإنما بدأنا بذكر العقل؛ لأنه أكبر الآلات وبه تعرف المعارف كلها، وجميع المعلومات. وإنما سمي العقل عقلا؛ لأنه يعقل صاحبه عن المنكرات، وأصل العقل: العلم، وهو عرض ومحله القلب. أجمع الموحد والملحد على أن العقل هو العلم، وأنه عرض؛ إلا فرقة من الزيدية من أهل زماننا وهم أصحاب مطرف بن شهاب، فإنهم قالوا: (العقل) هو القلب، واستدلوا بقول الله تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}[ق:37]، ونسوا قول الله تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}[الحج:46]، وقد فسر الهادي إلى الحق عليه السلام قول الله تعالى: {لمن كان له قلب}، قال: لمن كان له قلب يعقل به، ولو كان العقل هو القلب، لما حسد العاقل عليه، ولا ذم بنقصانه، ولا كان يزول عند النوم وشبهه، إذ ليس كل من له قلب بعاقل؛ كالطفل والمجنون والبهيمة؛ وكل من له عقل فله قلب.
مخ ۵۱