307

فصل في الكلام في الصراط

واختلفوا في الصراط؛ فعندنا وعند المعتزلة أن الصراط هو الطريق. والطريق طريقان: طريق الحق، وطريق الباطل. والصراط المستقيم هو طريق الحق.

وقالت الحشوية: هو أحد من السيف، وأدق من الشعرة، ولو كان كما قالوا لكان ذلك تكليف ما لا يطاق. وأيضا فإن التكليف قد سقط في الآخرة لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الدنيا دار عمل ولا حساب ، والآخرة دار حساب ولا عمل)).

والذي يدل على صحة ما قلنا قول الله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}[الفاتحة :6،7]، فلو كان صراطا واحدا للمطيع والعاصي لما أبدل وبين، ولقال: اهدنا الصراط، ولم يقل: المستقيم، ولا قال: {صراط الذين أنعمت عليهم}، فلما قال: {اهدنا الصراط المستقيم} علم السامع أن ثم صراطا غير مستقيم، ثم زاد بيانا، فقال: {صراط الذين أنعمت عليهم} وهذا يسمى بدل البيان، فبين بيانا ثانيا أن [ثم] لغير هؤلاء صراطا.

ومما يوضح ما ذكرنا في البدل أنك إذا قلت لرجل: (أدع الرجل زيد بن عمرو) أن هذا البدل يكون بيانا؛ لأنك لو قلت: (أدع الرجل)، لأشكل على المأمور من الرجل؟ لأن الرجال كثير، فلما قلت (زيد بن عمرو) بينت له ففهم قولك فصح ما قلنا.

مخ ۳۸۲