286

وأما قولهم: (إن الله ساوى بين الناس في المجازاة). فالجزاء من الله على وجهين: جزاء واجب للعبد، أوجبه الله على نفسه، كقوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}[الزلزلة:7،8]، وكقوله: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة...} إلى قوله: {وعدا عليه حقا}[التوبة:111]، وكقوله: {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله}[النساء:100]، وقوله: {من يعمل سوءا يجز به }[النساء:123]، وقوله تعالى: {وقع} بمعنى: وجب. فهذا وأمثاله هو الجزاء الواجب، وليس الناس فيه بسواء بل يجزى كل بقدر عمله، والأعمال مختلفة. ونقول: إن الله ساوى بينهم في أنه يجزي كلا منهم على عمله ولا يظلم أحدا منهم شيئا.

والجزاء الثاني هو الزيادة على الأجر، وليس بسواء بل قد زاد الله بعض الناس أكثر من بعض، وزاد أيضا فضل بعض الأعمال على بعض في الأزمان والمكان والحال.

أما الزمان فإن الله تعالى فضل الأعمال في شهر رمضان، وفي يوم الجمعة على سائر الزمان.

وأما المكان فإن الله فضل الكعبة، وبيت المقدس، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفضل الأعمال فيها على سائر المواضع.

مخ ۳۵۹