264

فأما البلية العامة لجميع المكلفين: فإن الله جعل الموت والفناء بلية ابتلى بها عباده لينظر من يؤمن بالآخرة، ويصدق بالغيب، ويعمل ما يأمره به، وينتهي عما نهاه عنه فيثيبه ويجزيه، ويخلده في الجنان، وينظر من يكذب بالآخرة والوعد والوعيد، ولا يأتمر بأمره ولا ينتهي عن نهيه، فيخلده في النيران ويعذبه بالخزي والهوان، ولو لم يكن موت ولا فناء ولم تكن الجنة والنار غائبتين، وكانتا حاضرتين مشاهدتين في الدنيا لم يكن إيمان من يؤمن بهما عجيبا، ولا كان من يعمل للجنة المشاهدة ويخاف النار المشاهدة مستحقا للأجر؛ لأن البهائم قد تستجلب المنافع المشاهدة، وتنفر عن المضار المشاهدة، فصح أن الله جعل الموت بلية، وأن من آمن بالغيب يكون مستحقا للثواب، ومن كذب به يكون مستحقا للعذاب؛ قال الله تعالى: {الم ، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}[البقرة:13]، فمدح الله من يؤمن بالغيب.

مخ ۳۳۷