حقایق اسلام
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
ژانرونه
إنه إذا نطح ثور رجلا فمات يرجم الثور ولا يؤكل لحمه، وأما صاحب الثور فيكون بريئا، ولكن إذا كان ثورا نطاحا وقد أشهد على صاحبه ولم يضبطه فقتل رجلا أو امرأة، فالثور يرجم وصاحبه أيضا يقتل ...
وتقرر الشريعة كيف تكتب على الألواح وكيف تكون الألواح التي تكتب عليها كما جاء في سفر الخروج، بل تقرر ملابس الهيكل وأنواع الأنسجة التي تخاط منها ثياب الكهان والخدم بأمر من الله لموسى تكرر ذكره في الكتب الخمسة المنسوبة إليه.
هذه الأوامر المفصلة في معاملات المعيشة ومعاملات الجزاء والعقاب مستغربة على السواء في رأي الناظرين إليها من وجهة نظر غير وجهة المتدينين المتشبثين بها إلى اليوم، ولكننا - بعد الإلمام بها - نعود فنكرر أنها لا تسوغ القول بقصر الدين على العقائد والوصايا دون الشرائع والمعاملات؛ فإن الخطأ يعتري العقيدة كما يعتري الشريعة، ومرجع الأمر إذن إلى الصلاح والفساد لا إلى العمل أو الاعتقاد ، وما كانت عقائد بني إسرائيل بأثبت على الزمن من معاملاتهم وشرائعهم التي تداولوها بعد عصر موسى الكليم، ولعل حاجتهم إلى معاملات تشبه تلك المعاملات في الجملة كانت أشد من حاجتهم إلى عقائدهم كما تداولوها بعد عهودهم المهجورة.
وكل ما يجوز لنا أن نستخلصه من دراسة الشريعة المنسوبة إلى موسى أن بني إسرائيل لم تكن لهم رسالة عالمية إنسانية، وأنهم وقد وافقتهم عقائدهم ومعاملاتهم في عزلتهم بين أبناء الحضارات الأولى، فلما انتهت رسالتهم المحدودة بما يوافقهم تفرقوا بين الأمم من غير دولة ولا سيادة على أحد، فلم يقم لهم سلطان يتولى فرض عقائدهم ومعاملاتهم على الأمم ولا على أنفسهم، وانقضى دورهم التاريخي في أمر العقائد وأمر المعاملات.
وكذلك تتفق النظرتان إلى هذا التاريخ المشحون بدلالاته ومغازيه: نظرة المؤمن بحكمة الغيب العجيبة في تسيير مقادير الشعوب، ونظرة المؤمن بعبرة التاريخ دون سواه.
وعلى هذه السنة من المساواة بين حق الدين في نشر العقائد وحقه في فرض الشرائع والمعاملات، ننظر إلى معاملات الدين الإسلامي كما ننظر إلى عقائده، فلا نرى فيها ما يعوقه عن أداء رسالته العالمية الإنسانية التي توافرت له بدعوته إلى إله واحد هو رب العالمين أجمعين، وخالق الأمم بلا تمييز بينها في الحظوة عنده غير ميزة التقوى والصلاح: رب المشرقين والمغربين يصلي له المرء حيث شاء، وأينما تكونوا فثم وجه الله.
فما منع الإسلام قط معاملة بين الناس تنفعهم وتخلو من الضرر بهم والغبن على فريق منهم، وأساس التحريم كله في الإسلام أن يكون في العمل المحرم ضرر، أو إجحاف، أو حطة في العقل والخلق، ما فرض الإسلام من جزاء قط إلا وهو «حدود» بشروطها وقيودها، صالحة على موجب تلك الشروط والقيود للزمان الذي شرعت فيه، ولكل زمان يأتي من بعده؛ لأنها لا تجمد ولا تتحجر ولا تتحرى شيئا غير مصلحة الفرد والجماعة، وكفى باسم «الحدود» تنبيها إلى حقائق الجزاء والعقاب في الإسلام؛ فإنها «حدود» بينة واضحة تقوم حيث قامت أركانها ومقاصدها وتحققت حكمتها وموجباتها، وإلا فهي حدود لا يقربها حاكم ولا محكوم إلا حاقت به لعنة الله.
والشبهة المتوافرة في العصر الحاضر إنما ترد على المعاملات الإسلامية من قبل الناقدين والمبشرين؛ لأنها تمس ضرورات المعيشة المتجددة في كل يوم، وترصد للمسلم في طريقه حيث سار وأينما اضطربت به صروف الرزق والكسب ومرافق العمل والتدبير، ويتحرى الناقد الموطن الحساس من نفس المسلم حين يلقي في روعه أن شيئا في دينه يغل يديه عن العمل في عصر المصارف والشركات، وأن شيئا في دينه يتقهقر به إلى الوراء، ولا يصلح للتطبيق في عصر النظم الحكومية التي تجري القضاء والجزاء على أصول العلم والتهذيب.
وليس في المصارف والشركات شيء نافع بريء من الضرر والغبن يحرمه الإسلام.
وليس في أصول العلم والتهذيب شيء يناقض حدود الجزاء في شريعة الإسلام.
ناپیژندل شوی مخ