له فسخې ته تمه
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
ژانرونه
14 •••
حين نواجه معطيات تحتمل معنيين فنحن ندركها - ببساطة - على النحو الذي يلائم تصوراتنا المسبقة، أما حين نواجه معطيات غير ملتبسة ولا تحتمل إلا معنى واحدا فإننا نتقبلها دون نقد إن كانت متسقة مع توقعاتنا وبنائنا الأيديولوجي، أما إذا كانت مضادة لذلك فنحن نعرضها للتمحيص النقدي ونمنحها المزيد من جهدنا الذهني حتى نردها متسقة مع توقعاتنا وتصوراتنا الأصلية. (2-2) تجارب بحثية: لماذا يتشبث الناس باعتقاداتهم السابقة رغم الأدلة الجديدة؟
في تجربة بحثية تعرض أنصار ومعارضو عقوبة الإعدام لأدلة تتعلق بالفاعلية الرادعة لهذه العقوبة،
15
فقد قرأ كل من المجموعتين ملخصين لدراستين في ذلك: إجراءاتهما ونتائجهما ونقدهما. إحدى الدراستين تقدم دليلا يؤيد الفاعلية الرادعة لعقوبة الإعدام، والأخرى تقدم دليلا ضد هذه الفاعلية. لدى نصف المشاركين كانت الدراسة المؤيدة لعقوبة الإعدام تقارن معدلات القتل في نفس الولاية قبل وبعد عقوبة الإعدام، والدراسة المفندة للفاعلية الرادعة تقارن معدلات القتل في ولايات مختلفة بعضها يطبق العقوبة وبعضها لا يطبقها، ولدى النصف الآخر من المشاركين كانت نوعية الدراسات المؤيدة والمفندة معكوسة، يعني ذلك أنه لدى كل من الأنصار والمعارضين للعقوبة كان النصف يجد توقعاته مؤيدة بنوع من الدراسات ومفندة بالنوع الآخر، بينما كان النصف الآخر يتعرض للنمط العكسي من المعطيات.
كانت نتائج هذه التجربة مثيرة: فقد كان المشاركون يعتبرون الدراسة التي قدمت دليلا متسقا مع اعتقادهم السابق (بغض النظر عن نوع هذه الدراسة) كقطعة بحثية جيدة الإجراء تقدم دليلا هاما يتعلق بمدى فاعلية عقوبة الإعدام، وكانوا - في المقابل - ينقبون عن عيوب عديدة في البحث الذي كان يناقض اعتقاداتهم الأولى. كان التأثير النهائي لهاتين النتيجتين أن مواقف المشاركين صارت مستقطبة، فالتعرض لحشد مختلط من الأدلة جعل كلا الطرفين أكثر اقتناعا بصواب اعتقاداته الأصلية.
وقد أجريت دراسة أخرى على المقامرين وميلهم إلى تقييم النتائج بطريقة منحازة. كانت الدراسة تسعى إلى الإجابة عن السؤال المحير: لماذا يصر المقامرون على الاستمرار في هذا المشروع المحبط؟ لماذا يعتقدون - برغم كل خسائرهم السابقة - بأن المكسب وشيك يكاد يدق الأبواب، وقد خلصت هذه الدراسة إلى نفس النتيجة: إنهم يقبلون الأدلة الموجبة دون نقد، ويؤولون الأدلة السلبية لكي يردوها متسقة مع توقعاتهم الأصلية.
16
نخلص من ذلك إلى ما يلي: حين يواجه المرء بخليط من الأدلة: سلبية وإيجابية، فإنه يقبل الإيجابية فورا على علاتها، أما السلبية - أي المضادة لمنظومته الاعتقادية - فيعمل فيها التأويل حتى يردها إيجابية، من هنا يخلص كل طرف من الخصوم في المناظرات الفكرية وهو أكثر اقتناعا بمذهبه! ومن هنا يبرر الرأي ذاته ويخلد الاعتقاد نفسه.
حتى العلماء ليسوا محصنين من الوقوع في نفس الأخطاء عندما يقيمون الأدلة المتصلة بمجالاتهم، فقد وجد أن الانتقادات المنهجية وتوصيات النشر الصادرة عن المراجعين النظراء
ناپیژندل شوی مخ