وأعاد لها صوته العميق الحنون ثقتها فيه، إنه لن يخذلها، هذا الرجل لا يمكن أن يفصلها عنه آلاف الناس، تتراص بينه وبينها، فما بالها بقطعة من الورق الصغير، مطبوع عليها رسومات، أي رسومات.
وعاد إليها هدوءها كاملا فأكلت، وشربت البيرة، واستلقت بجوار زوجها على الرمل، وطال بينهما الحديث كما يطول دائما.
وفي صباح اليوم التالي، كانت قد نسيت تماما الرجل والصورة، لولا أنها لمحت زوجها، مقبلا عليها من بعيد، ممسكا بيد رجل طويل، ما إن تبينته حتى عادت القبضة إلى قلبها تعتصره بشدة، ونهضت من رقدتها على الرمل، وجلست متحفزة تستعد لمواجهة الأمر، وتستجمع قواها الهاربة في أركان نفسها، ووصل زوجها وجلس بجوارها، فارتعدت وبلعت أنفاسها لتبدو هادئة، ونظرت إلى زوجها، إلى عينيه ويديه؛ لتطمئن على حبه لها وثقته فيها، كان كما هو هادئا باسما، لم تتغير ملامحه، إلا من معنى طفيف ساخر.
ووضع حسين الصورة في جيب قميصه بتأن، ونظر إلى زوجته وهو يبتسم، قائلا: «تصوري يا هند الجدع يمشيني لآخر البلاج، عشان يوريني صورة!» ونظر إلى الرجل نظرة ساخرة عميقة واثقة، وقال له: «حد قالك إني غاوي صور؟ هي صورة لطيفة فعلا؛ لأن فيها هند، لكن انت تعبت نفسك.»
وسكت حسين ووضع يده على جيبه، وربت على الصورة برفق وحنان، وقال له: «خلاص يا سيدي الصورة وصلت مكانها، تقدر تروح.»
وبعدما اختفى الشاب من أمامهما، نظرت هند إلى زوجها في دهشة، فرأت عينيه الباسمتين في عينيها، وأحست يديه الحبيبتين الواثقتين على يديها، وسمعت صوته الدافئ الحنون يقول لها: «أما مغفل صحيح! إيه يعني صورة، وحتى لو كان فيه حاجة، إنتي عارفة إني لا يمكن أحاسبك على حاجة قبل ما تعرفيني.»
ونظرت هند في عينيه، ودموع الفرح في عينيها، إنها لم تخطئ حينما عرفت من أول وهلة، أنه فتى أحلامها، إنه رجلها الذي يثق في نفسه وفيها، رجلها الوحيد الذي استطاع بقوته الناضجة الواعية، أن يمس وجدانها ويهز أنوثتها.
وابتسمت وهي تقول: «دي كانت مجرد مقابلات على البلاج.»
فقال وعلى جبهته تكشيرة، وفي عينيه ابتسامة: «كانت شقاوة يعني!»
وردت بسرعة: «شقاوة ببراءة.»
ناپیژندل شوی مخ