ولاحت منه التفاتة إلى الطريق، فرأى بعض المارة يحدجون السيارة بنظراتهم المتطفلة، فسأل نفسه: تري هل ينفسون عليه السيارة الفخمة والزوجة الحسناء؟
حقا إنه يستحق الرثاء، وسيكون أحق بالرثاء في مستقبله حين يخلي يده منها - وهو ما صدقت نيته عليه - فكيف تكون حياته بلا زوجة؟ وكيف تكون حياة أبنائه بلا أم؟
وهل تزوج يوم تزوج إلا إشفاقا من أن يلحقه الكبر وهو وحيد فيعاني مرارة الشيخوخة ووحشة الوحدة؟
روض الفرج
اعتدل الأسطى شلبي في جلسته، وجعل يفتل شاربه الغزير ويرفع حاجبيه الكثيفين، ويقول للشاب الجالس إلى يمينه على الكنبة: وما الداعي إلى التعجيل بالسفر؟
فقال له صاحبه وهو شاب في الثالثة عشرة من عمره تدل قوة بنيته وسذاجة نظراته على ريفيته القحة: وما الداعي إلى البقاء وقد انتهيت من أداء امتحاني؟
فقال الأسطي شلبي يتفلسف: وهل الغاية من الدنيا تنتهي بانتهاء امتحان النقل من السنة الأولى إلى السنة الثانية الثانوية؟ ينبغي أن تروح عن نفسك قليلا، فما العيشة التي أنت ذاهب إليها إلا قطعة من البادية القاسية لا أثر فيها للهو والمرح.
فقال الشاب: أخشى أن يقلق والدي لتأخري. - وماذا يضيره لو تأخرت يوما آخر وقد غبت عنه عاما مدرسيا كاملا؟ تعال نذهب معا هذا المساء إلى روض الفرج والعشاق لمشاهدة رواية «اشمعني»، وهي كوميديا في غاية الإضحاك والبهجة .. ما رأيك؟
وضحك الأسطى شلبي وهو ينظر إلى عبد المعز بإغراء، فابتسم الشاب وقال بتسليم: فليكن .. سأؤجل السفر إلى غد.
فابتسم الأسطى مسرورا وقال له بخيلاء: نعم الرأي، وستري بعد قليل عشيقتي تقوم بتمثيل الدور الأول في رواية «اشمعنى».
ناپیژندل شوی مخ