هميان الزاد إلى دار المعاد
هميان الزاد إلى دار المعاد
رواه الترمذى والنسائى وابن ماجة، ونحو هذا قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار حين أووه ونصروه وقاتلوا معه، وقاسموا الأموال للمهاجرين وقالوا المنة لله ورسوله علينا " ما رأينا كالأنصار " وإن قلت هو عالم بالخير والشر ومجاز عليهما معا فلم ذكر الخير وحده؟ قلت لأن المقام مقام جلب للخير بعد الزجر عن الشر، وللإشعار بأنه كريم جواد، ألا ترى أن الجواد الكريم من الناس كيف يذكر الخير ويجازى به أضعافا ويفضى عن الشر والجزاء به. { وتزودوا } اكتسبوا الأعمال الصالحات وتحفظوا عما يفسدها، توافوا بها القيمة كما يتحفظ الإنسان على زاده فى سفره ليلا ينقطع به.
{ فإن } أى لأن. { خير الزاد التقوى } وذلك أن الزاد نوعان زاد المسافر فى الدنيا وزاد الآخرة وهو العمل الصالح، ولا شك أن أفضل الزادين هو زاد الآخرة لأنه الموصل للخير الدائم البالغ نهاية الكثرة والحسن، قال ابن هشام اللخمى حدثنى خلاد بن قرة بن خالد السدوسى وغيره من مشايخ بكر بن وائل من أهل العلم، أن أعشى بنى قيس بن ثعلبة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يريد الإسلام فقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وبت كما بات السليم مسهدا وما ذاك من عشق النساء وإنما تناسيت قبل اليوم خلة مهددا ولكن أرى الدهر الذى هو خائن إذا صلحت كقاى عاد فأفسدا كهولا وشبانا فقدت وثروة فلله هذا الدهر كيف ترددا وما زلت أبغى المال مذ أنا يافع وليدا وكهلا حين شبت وأمردا وابتدل العيس المراقيل تعتلى مسافة ما بين النجير فصرخدا ألا أيها السائلى أين يممت فإن لها فى أهل يثرب موعدا فإن تسألن عنى فيارب سائل حفى عن الأعشى به حيث أصعدا أجدت برجليها النجاء وراجعت يداها خنا فالينا غير أحردا وفيها إذا ما هجة عجرفية إذا حلت حرباء الظهير أصيدا وآليت لا أرثى لها من كلالة ولا من حفى حتى تلاقى محمدا متى ما تناخى عند باب ابن هاشم تراجى وتلقى من فواضله ندا نبى يرى ما لا ترون وذكره أغار لعمرى فى البلاد وأنجدا له صدقات ما تغب ونائل وليس عطاء اليوم مانعه غدا أجدك لم تسع وصاة محمد نبى الإله حين أوصى وأشهدا إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا ندمت على ألا تكون كمثله فترصد للأمر الذى كان أرصدا فإباك والميتات لا تقربنها ولا تأخذن منهما حديدا لنقصدا وذا النصب المنصوب لا تنسكنه ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا ولا تقربن حرة كان سرها عليك حراما فانكحن أو تأبدا وذا الرحم القربى فلا تقطعنه لعاقبة لا والأسير المقيدا وسبح على حين العشيات والضحى ولا تحمد الشيطان والله فاحمدا ولا تسخرن من بائس ذى ضرارة ولا تحسبن المال للمرء مخلدا
قال السهيلى ووقع فى رواية غير ابن هشام بعد قوله أجدت برجليها إلى آخره
فأما إذا ما ادلحب فترى لها رقيبين نجما ولا يغيب وفرقدا
وبعد قوله نبى يرى إلى آخره
به أنقد الله الأنام من العمى وما كان فيهم من يريع إلى الهدى
وليلة أرمد اعتماض ليلة أرمد ومهدد فعلل من المهد بأصالة الميم وزيادة الدال الآخرة إلحاقا بجعفر لا معفل من الهدو إلا لأدغم كمرد ومفر إلا أن يقال فك ضرورة، لكن هذا خلاف الأصل ولا دليل عليه والاهية المائل العنق، يصف ناقته كأنها الجرياء المائلة مع الشمس لنشاطها، وخنفت الدابة مالت بيدها، والحرد الاعوجاج والنجير وصرخد بلدان، فمنع صرف صرخد للعلمية وتأنيت البلدة أو البقعة أو نحو ذلك، والغور ما انخفض من الأرض، والنجد ما ارتفع منها، والسر النكاح، والتأبد التعزب، يريد الترهب لأن الراهب أبدا عزب، فقيل له متأبد مشتق من لفظ الأبد، وفى رواية وإنك لم ترصد كمن كان أرصدا، وقيل كما رواه البخارى نزلت الآية فى ناس من اليمن يخرجون إلى الحج من غير زاد، ويقولون نحن متوكلون، ويقولون نحج بيت ربنا إلا فأطعمنا، ويكونون عيالا على الناس، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، وربما أفضى بهم الحال إلى النهب والغصب، وعلى ذها فمعنى قوله { تزودوا } خذوا الزاد للسفر، فيكون معنى قوله { فإن خير الزاد التقوى } فإن أفضل الزادين زاد السفر وزاد الآخرة لهو التقوى، فإذا لم تزودوا للسفر وقعتم فى سؤال الناس، وفى أكل مال الناس بالباطل، فتخرجوا عن التقوى، أو فإن خير الزاد ما يتقى به سوال الناس، أو أكل مالهم بالباطل.
{ واتقون } خافونى خوف إجلال، أو خافوا عقابى، أو احذروه، أو اعبدونى، وأثبت أبو عمرو الياء بعد نون اتقونى فى الوصل. { يا أولى الألباب } يا ذوى العقول ، فإن اللب داع إلى التقوى، إذا عرى من شوائب الهوى، ولذلك خص أولى الألباب بهذا الخطاب.
[2.198]
ناپیژندل شوی مخ