336

هميان الزاد إلى دار المعاد

هميان الزاد إلى دار المعاد

ژانرونه

فلزم الصوم كل من طاق، وهذا قول عمر بن الخطاب، وسلمة بن الأكوع وغيرهما، قال البخارى ومسلم عن سلمة بن الأكوع لما نزلت هذه الآية { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } كان من أراد أن يفطر ويفتدى، حتى نزلت الآية بعدها فنسختها، وفى رواية حتى نزلت هذه الآية

فمن شهد منكم الشهر فليصمه

وكذا قال ابن عمر وابن عباس فى رواية عنه قال إلا الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا على الولد فإنها باقية بلا نسخ فى حفظهما، وعن ابن عباس لا نسخ فى الآية، ولكن المعنى وعلى الذين يطيقونه فى حال الشباب، ثم عجزوا عنه عند الكبر، فيطعمون مكان كل يوم مسكينا، وكذا من كان يطيقه ثم لم يطقه، وهو لم يتم فإنه ينتقل فيه إلى الإفطار والإطعام، ويقول ابن عباس قال قوم وقيل وعلى الذين يطيقونه فى السفر والمرض فدية طعام مسكين، ثم نسخ الإطعام.

ولا فدية الآن على مسافر أو مريض أو حائض أو نفساء إن أفطروا إلا مرض لا يرجى برؤه، أو بلغ رمضان آخر ولم يقضوه مع الإمكان، وزوال العلل، وقيل تلزم المريض ولو رجا ولزمت العجوز والكبير الذين لا يطيقونه، وقيل لا. ولزمتهما إن أطاقاه بمشقة ولزم الحامل والمرضع عند الشافعى لا عند أهل الرأى، وقال قتادة خاص فى حق الشيخ الكبير الذى يطيق الصوم ولكن يشق عليه رخص له أن يفطر ويفدى، ثم نسخ الفداء وهو الإطعام، وقال الحسن ذلك المريض الذى يقع عليه اسم المرض وهو يستطيع الصوم، خير بين الصوم وبين الإفطار فيفتدى، ثم نسخ الفداء، واختلف أصحابنا فى لزوم الفداء للشيخ الكبير الذى حل له الإفطار، والمشهور اللزوم، وقيل الأصل وعلى الذين لا يطيقونه فدية طعام مساكين، فحذفت لا النافية أى لا يطيقونه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، قلت يغنى عن تقدير لا النافية تفسير يطيقونه بمعنى يبلغون بصومها غاية طاقتهم الموصلة إلى مضرتهم، أو مشقة عظيمة فيفطرون ويطعمون، وذلك لأن حذف لا النافية مطرد فى جواب القسم الذى هو مضارع ولا قسم هنا، وعلى تلك الأوجه كلها يقدر محذوف به يتم الكلام، أى وعلى الذين يطيقونه فأفطروا فدية طعام مساكين، أو على الذين يطيقونه فدية طعام مساكين إن أفطروا* { فمن تطوع خيرا فهو خير له } أى من عالج طاعة بزيادة خير، وهى أن يزيد فى الفدية على القدر الواجب عليه مثل أن يطعم مسكينا أو ثلاثة أو أكثر لكل يوم، أو يكيل لكل مسكين أكثر مما لزمه، ثم رأيت الوجهين تفسيرا للعلماء والحمد لله، فعن ابن عباس المراد من إطعام مسكينين فصاعدا عن يوم، وقال مجاهد من زاد فى الإطعام على المد، وفيه قول ثالث لابن شهاب هو أن المراد من أراد الإطعام مع الصوم وهو حسن، ويحتمل وجها رابعا هو أن المراد مطلق النفل فى أبواب العبادات هذا النوع وغيره، والجبر الأول بمعنى النفى وهو ضد السوء، والثانى يحتمل ذلك ومحتمل التفضيل على الاقتصار على الواجب، والثالث الآتى اسم تفضيل، وقرئ فمن يطوع بتشديد الطاء والواو المفتوحتين، وإسكان العين أصله متطوع بإسكان التاء وإبدالها طاء وإدغامها فى الطاء، وهو عائد إلى الخير، أى ومن تطوع خيرا فذلك الخير خير له، أو عائد إلى التطوع المفهوم من تطوع* { وأن تصوموا } يا معشر المطيقين أو المطوقين، أو يا معشر من رخص له فى الإفطار وقد أطاق الصوم كالمسافرين والمرضى والكبار المستطيعين* { خير لكم } من الإفطار والفدية، أو من تطوع الخير أو من الفدية، وتطع الخير وتأخير القضاء.

{ إن كنتم تعلمون } ما فى الصوم من المسارعة إلى العبادة، وبراءة الذمة والحض عليه، وثواب تحمل المشقة، ويجوز أن يكون الخطاب فى ذلك كله لمن يتحتم عليه الصوم، ومن يجوز له أى الصوم خير لكم من الإفطار الذى تستحسنه النفوس وترغب فيه فى حق من حلله، وفى حق من لم يحل له وإنما ساغ التفضيل مع أنه لا ثواب فى مجرد الإفطار، بل هو معصية إذا تحتم الصوم، لأن فيه نفعا وحسنا باعتبار رغبة النفس، وأن تصوموا مبتدأ فى تأويل صومكم، وقد قرأ أبى والصيام خير لكم إن كنتم تعلمون، وجواب إن محذوف تقديره فهو خير لكم، دل عليه ما قبله، لكن هذا من باب نيابة العلة عن الجواب، أى إن كنتم تعلمون ذلك صمتم، لأنه خير لكم، وكذا فى نظائره عندى مما مر من الآيات، وما يأتى إذا كان مضمون دليل الجواب ثابتا ثبت مضمون الشرط أو لم يثبت، ويجوز أن يقدر إن كنتم تعلمون صمتم أو اخترتم الصوم، وقيل إن كنتم من أهل العلم والتدبر علمتم أن الصوم خير من ذلك، ولا يخفى فضل فرض الصوم، وأما النفل بالصوم، فإنه عظيم جدا،ولو قيل إنه أدنى العبادات، لأنه يجر إلى باقى العبادات ويرغب فيها، ويزجر النفس عن المعاصى للجوع والعطش، قال سهل بن سعيد الساعدى عن النبى، صلى الله عليه وسلم

" من صام يوما تطوعا لم يطلع عليه أحد لم يوض لله له الثواب دون الجنة "

ومثله عن أبى هريرة عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال ابن عبد البر فى بهجة المجالس قال أبو العالية الصائم فى عبادة ما لم يغتب. قال البلالى الشافعى فى اختصار إحياء الغزالى والسبكى فى شرح ذلك المختصر إن الغيبة تمنع ثواب الصوم إجماعا، وزعم البلالى المذكور أن فيه نظر المشقة الاحتراز، وكأنه عد فى الغيبة الناقضة ما يعده الغزالى غيبة، ولو كان أمره سهلا، ولذلك نظر فيه وقال وإن أكثر لها توجه الإجماع على إبطال صومه، روى الربيع بن حبيب، عن أبى عبيدة، عن جابر بن زيد، عن أبى هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

" من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ولو علمتم ما فى فضل رمضان لتمنيتم أن يكون سنة "

، وروى البخارى ومسلم

" من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه "

ناپیژندل شوی مخ