333

هميان الزاد إلى دار المعاد

هميان الزاد إلى دار المعاد

ژانرونه

، وبهذه الألفاظ رواه الربيع عن أبى عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة، إلا أنه قال كان يوم عاشوراء يوما تصومه إلخ، وقال فلما قدم المدينة وزاد بعد قوله ومن شاء تركه، ولكن فى صيامه ثواب عظيم، وقيل المراد بالصيام صيام عاشوراء والأيام الثلاثة، وبقوله { أياما معدودات } شهر رمضان ناسخ للصيام المذكور، والصحيح أن المراد بالصيام والأيام جميعا هو رمضان فلا نسخ هنا، وإذا قيل المراد بالصيام والأيام هو عاشوراء والأيام الثلاثة، فالناسخ ما يذكر بعد ذلك من رمضان، ولا يصح تعليق { أياما } بكتب الأول ولا الثانى، لأن الكتب فى الأزل، وإن اعتبرنا كتبا آخر مطابقا لكتب الأول واقعا فهو أيضا قبل تلك الأيام المعدودة، فليست الأيام المعدودة ظرفا للكتب، بل ظرف للصوم المكتوب، ولا يصح أن يكون { أياما } مفعولا ثانيا لكتب الأول ولا الثانى، على الموسع بالتشبيه بالمفعول به، لما ذكرت لك أن الأيام ليست ظرفا للكتب، وقيل { أياما } تمييز والمعنى صومكم كصومهم فى عدد الأيام، كما قال صاحب الوضع رحمه الله على الذين من قبلكم، يعنى النصارى، وذكر أن النصارى فرض عليهم صوم شهر رمضان فشق عليهم صيامه، لأنه ربما أتاهم فى الحر الشديد ويضرهم فى أسفارهم وطلب معايشهم، فاجتمع رأى رؤسائهم وعلمائهم على أن يجعلوا صومهم فى فصل من السنة بين الشتاء والصيف، وزاد فيه عشرة أيام كفارة لما صنعوا، فصار أربعين يوما، ثم إن ملكهم اشتكى بفمه فنذر لله إن هو برئ من مرضه أن يزيد فى صومهم أسبوعا، فلما برئ من مرضه زاد فى صومهم أسبوعا، فمات ذلك الملك، فوليهم ملك آخر فقال لهم أتموه خمسين يوما، فصاروا يصومون خمسين يوما.

انتهى كلام الوضع. وصاموه قبل ذلك ما شاء الله كما أمرهم الله بعدده وفى وقته، وأيضا ربما يقع فى البرد الشديد فيشتد عليكم كما يشتد فى الحر الشديد، وجعلوه فى الربيع وهو ما بين الصيف والشتاء، وقيل لما وليهم الملك الآخر قال ما بال هذه الأيام الثلاثة؟ أتموه خمسين، فزادوا الثلاثة، فكان خمسين. وقيل أصاب الموت حيوانهم، فقالوا زيدوا فى صيامكم فزادوا عشرا قبل رمضان، وعشرا بعده. وقيل إن النصارى فرض عليهم صوم رمضان فصاموا قبله يوما وبعده يوما، ثم لم يزالوا يزيدونه يوما بعد يوم حتى بلغ خمسين، فلذلك نهى عن صومه يوم الشك. وروى أنه كتب عليهم رمضان، فوقع فى برد أو حر شديد فحولوه إلى الربيع، فزادوا عليه عشرين كفارة لتحويله. وعن الحسن كتب على النصارى صيام رمضان فصاموه زمانا، فصار أحيانا يكون فى الحر الشديد، فوضعوه فى زمان لا يكون فبه حر فصاموا ذلك زمانا، ثم قالوا لنزيدن فى صيامنا لما حولناه، فزادوا فيه عشرة أيام فصاموا كذلك زمانا، ثم اشتكى ملكهم فنذر إن عافاه الله أن يزيد سبعة، فعافاه الله فزادها، فصاموا كذلك زمانا، ثم استخلف آخر فقال ما بال هذه الثلاثة فأتمها خمسين، وقيل سألهم عن بدء أمرهم فأخبروه فقال أتموه خمسين. وهذه الأخبار كلها تدل أن الأمم شاركتنا فى رمضان. ذكر ابن أبى حاتم عن ابن عمر رفعه صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم. وفى إسناده مجهول. { فمن كان منكم مريضا } حين حضور تلك الأيام المعدودة مرضا يتأخر برؤه بالصوم، أو يزيد مرضا به، أو يشق معه، أو كان لا يأكل أو يشرب ما يصل به الليل، هذا ما عندى، وقيل يفطر إن كان لا يشتهى طعاما، وكلامى متضمن له فمن إن صام حم أو اشتد وجع عينيه وقد وجعت، أو يحدث مرض لم يكن أو نحو ذلك، أفطر كما علمت من كلامى وهذا قولنا وقول أكثر الأمة. ومالك والشافعى قالا إذا جهده الصوم أفطر وإلا فهو كالصحيح، وقيل إن المريض لا يفطر إلا إن كان ما يقع بالصوم فى مشقة عظيمة حملا للمرض على المرض الكامل، وقال ابن سيرين والحسن وأهل الظاهر إن كل ما يطلق عليه اسم المرض يفطر به، إن شاء ولو قل، وإن شاء صام، وما عظم يتضرر بالصوم معه أفطر به، ولا بد وذلك حمل للمرض على أدنى ما يسمى مرضا، كما أن لكل مسافر أن يفطر، كذلك لكل مريض. وسئل مالك عن الرجل يصيبه الرمد الشديد أو الصداع المضر وليس به مرض يضجعه؟ فقال إنه فى سعة من الإفطار، وقائل هو المرض الذى يعسر معه الصوم ويزيد فيه لقوله تعالى

يريد الله بكم اليسر

وعن الشافعى لا يفطر حتى يجهده الجهد غير المحتمل. { أو على سفر } بعيد أو قريب فيه مشقة أو لا مشقة فيه دام على السير، أو مكث فى بلدة ولم يتخذها وطنا، وذلك بمجاوزة فرسخين، ونية الإفطار من الليل بعد مجاوزتهما، وقال قومنا يجوز له الإفطار إذا حصل على حد السفر المبيح للإفطار ولو نهارا، نوى من الليل أو لم ينو، والمستحب عندى أن يصوم اللابث فى بلدة بلدة توحيد أو شرك، ولو كان لا يقصر ما لم يتخذها وطنا إذا حل اتخاذها، لأن التقصير جزم على الصحيح والإفطار على الاختيار لا جزم، وقد علمن أن السفر المبيح للإفطار هو الذى ليس معصية، وزعم شاذ من قومنا أنه يبيح الإفطار لمن سافر فى معصية، ومعصيته شئ آخر ويرده أن الإفطار أبيح إعانة على المباح كتجارة وعلى العبادة كحج، وطلب علم. وزعم بعض قومنا أنه لا يباح الإفطار لمباح، بل لعبادة. وأجاز بعض أصحابنا الإفطار بنية نم الليل مجاوزة فرسخين. وأجازه بعضهم قبل مجاوزتهما، إن كان ثلاثة أيام فصاعدا إن نوى من الليل، ومن كان فى سفر أو حضر صائما فاضطر للإفطار أفطر فى حينه، ولا شئ عليه إجماعا، وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز الإفطار فى غير الضرورة لمسافر إلا إن سار ثلاثة أيام. وقال الشافعى، وأحمد أقل السفر المبيح للإفطار ستة عشر فرسخا، يومان. وعن مالك ثمانية وأربعون ميلا. وقال الأوزاعى يوم. وقال داود الظاهرى يباح لسفر ولو فرسخا أو أقل. والصحيح فرسخان لأنه صلى الله عليه وسلم بين لهم ميقات الإفطار والصوم بمقدارهما من المدينة، ثم رجع وسافر يوما وأفطر بعد مجاوزتهما ، ولم يقيد لهم بأن ذلك لبعد السفر، وقد يستدل به مجيزوا الإفطار ولو بلا نية من الليل لمن سافر، لأنهم أفطروا ولم ينووا إلا إن كان ذلك ليتقوى على العدو. وقال بعض أصحابنا لا يجوز الإفطار إلا إذا جاوز ثلاثة أيام، وقيل إذا خرج من الحوزة. وقال أهل نفوسة لا يفطر حتى يجاوز الحوزة ويسير ثلاثة أيام، وإن كان فى طرف الحوزة أفطر بعد أن يجاوز فرسخين، وإن أفطر بعد مجاوزتهما، وقبل مجاوزتهما نهر، ولم يبر منه إلا إن سافر سفرا بعيدا فلا ينهر، وصحح كثير منا أنه لا يفطر إلا إذا بلغ السفر النائى وهو ثلاثة أيام أو مجاوزة الحوزة، وزعم قوم أن من استهل عليه شهر رمضان لم يجز له الإفطار ولو سافر لقوله تعالى

فمن شهد منكم الشهر فليصمه

والأكثر على جواز الإفطار له إن سافر، كما يجوز له إن استهل عليه وهو مسافر، ويرد عليه بأنه مخصوص بقوله { فمن كان منكم مريضا أو على سفر } ، وقوله

ومن كان مريضا أو على سفر

وهما كالاستثناء منه، بل قال ابن عمر بنسخه قوله { فمن كان منكم مريضا أو على سفر } ، ورد أيضا بما رواه الربيع عن أبى عبيدة عن جابر بن زيد مرسلا، قال

" خرج النبى، صلى الله عليه وسلم، إلى مكة عام الفتح فى رمضان فصام حتى بلغ الكديد فأفطر فأفطر الناس معه، وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر النبى، صلى الله عليه وسلم، فأفطر فأفطروا، وقد شهدوا شهر رمضان فى الحضر "

، وهذا الحديث يدل على جواز الإفطار ولو بلا نية من الليل، لأنهم أفطروا ولم ينووا، كذا رواء البخارى ومسلم بذلك اللفظ بعينه، لكنهما روياه متصل الإسناد إلى ابن عباس، والاتصال أقوى. اللهم إلا أن يقال هذا الإفطار تقوية على العدو وهو جائز بلا نية من الليل، كما صرحه فى رواية الربيع، عن أبى عبيدة، عن جابر بن زيد قال سمعت جملة من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقولون

ناپیژندل شوی مخ