هميان الزاد إلى دار المعاد

قطب اطفیش d. 1332 AH
204

هميان الزاد إلى دار المعاد

هميان الزاد إلى دار المعاد

ژانرونه

إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون

فى مجرد التحقير والتهكم، وإسناد الأمر إلى إيمانهم كإسناده إلى الصلاة فى قول قوم شعيب { أصلاتك تأمرك.. } الآية. وقوله

وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية

إذ حاصل المعنى أن إيمانكم ما تحصل إلا على عبادة العجل والأشياء التى تنافى الإيمان الحقيق، وما فاعل بئس نكرة موصوفة أو موصولة، والمخصوص بالذم محذوف تقديره عبادة العجل، أو ما يعلمها من سائر قبائحهم، أى بئس ما يأمركم به إيمانكم قتل الأنبياء، واتخاذ العجل، وقولكم عصينا وغير ذلك، وهذا أولى من الاقتصاد على هذه الثلاثة، أو فاعل بئس مستتر، وما تمييز مفسر له، والمخصوص محذوف وهى نكرة موصوفة بالجملة بعدها، أو تامة بمعنى شئ حقير، والجملة بعدها صفة أو صلة لمخصوص محذوف، أى بئس ما ما يأمركم بإعادة ما بمعنى لبئس شيئا حقيرا شئ يأمركم به إيمانكم، أو بئس شيئا الذى يأمركم به إيمانكم، أو ما معرفة تامة فاعل، والجملة صلة أو صفة لمخصوص محذوف كذلك، ونقل ابن مالك فى شرح التسهيل عن الفراء والكسائى أن ما موصولة فاعل، واستغنى بها وبصلتها عن المخصوص، وقال الفراء إنها موصولة مخصوص، والفاعل مستتر والتمييز ما أخرى محذوفة بمعنى نعم شيئا الذى صنعته، وقيل ما كافة لبئس عن طلب الفاعل، فتصير بئس تدخل على الجملة الفعلية. وقالوا من أراد أن يحير عدوه أو يعمى قلبه ويتعذر عنه محفوظه كتب هذه الآيات { وإذ أخذنا ميثاقكم } إلى قوله { مؤمنين } يوم سبت على قطعة خلق يطعمها له على الريق. وليتق الله الشديد العقاب فلا يفعل ذلك إلا لمن حل فيه بالشرع.

[2.94]

{ قل } لهم يا محمد. { إن كانت لكم الدار الآخرة } وهى الجنة. { عند الله } أى فى قضاء الله وحكمه أو التى هى غائبة عنا موجودة عند الله، أو ستوجد. { خالصة } لم يشارككم أحد فيها، ولكم خبر كان، وخالصة حال من الضمير المستتر فى لكم أو من الدار، أو خبر كان، ولكم متعلق بكان أو بخالصة، وعند متعلق بأحدهما أو بلكم إن جعل لكم خبرا وصح التعليق لنيابته عن فعل الاستقرار. { من دون الناس } المراد بالناس جميع الناس الذين فى زمان اليهودية إلى قيام الساعة، قال لاستغراق مخصوص، ويدل على هذا العموم قولهم

لن يدخل الجنة إلا من كان هودا

أى لن يدخلها بعد زمان اليهودية إلا من كان هودا، كما قالت النصارى لن يدخلها بعد زمان النصرانية إلا من كان نصارى، ويحتمل أن يراد النبى ومن تبعه من المسلمين، أى من دون محمد ومن تبعه، فأل للعهد الذى فى أزمانهم. { فتمنوا الموت إن كنتم صادقين } فى قولكم إن الدار الآخرة لكم خاصة، لأن أصحاب الجنة لا يدخلونها إلا بعد أن يموتوا، ومن أيقن أنه من أهل الجنة أحب وصولها بالموت للتلذيذ العظيم، وليستريح من أكدار الدنيا، كما قال عمار بن ياسر رحمه الله متمنيا حين احتضر فى قتال صفين فى جانب المسلمين الذين يقاتلون عليا الآن ألقى الأحبة محمدا وحزبه. وقال حذيفة بن اليمانى رحمه الله حين احتضر مرحبا بزائر على فاقة، لا فرج من ندم. وفى رواية جاء حبيب على فاقة لا أفلح من ندم. وأراد بالزائر والحبيب الموت أو ملك الموت ولقاء الله، وأراد بالفاقة الاحتياج إلى الموت، وملكه ولقاء الله، ومعنى لا فرج أو لا أفلح من ندم، الدعاء فى الشر على من جاءه الموت فندم لظهور غضب الله عليه وعذابه له، وقال غيره كالقاضى والزمخشرى لا أفلح من ندم على تمنى الموت، حين جاءه، فإذا تمنى الموت من يرجوها أو يتيقنها فكيف لا يتمناها من علم أنها له ولقومه خاصة، كما يزعم اليهود قبحهم الله أنها لهم خاصة، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، وروى أن عليا كان يطوف بين الصفين فى غلالته، فقال له ابنه الحسن ما هذا بزى المحاربين. فقال با بنى لا يبالى أبوك، على الموت سقط أم عليه سقط الموت، وأراد بالوجهين الموت، شبه الأمر بمن وقع على حديد قاطع، أو وقع عليه حديد قاطع، وإنما قال هذا اختبارا بأنه لا يجبن عن الموت كما يفتخر سائر الشجعان بذلك، لا ليقينه أنه من أهل الجنة لعدم صحة تبشيره، ولو أثبته المخالفون، بل قتل بأمره من لا يرى قاتلهم الجنة، وقال ليتنى أدخلها ولو حبوا، وهناك رواية ضعيفة أنه تاب. وجواب أن الثانية محذوف دل عليه جواب الأولى، فجواب الأولى من معنى تمنى الموت، وجواب الثانية كذلك، مع زيادة كون الأولى قيدا فيها، ثم أخبر الله جل وعلا أنهم غير صادقين فقال

[2.95]

{ ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم } أى بما قالوا وما اعتقدوا من الكفر بالنبى صلى الله عليه وسلم وغيره. وما فعلوا من الكبائر كتحريف القرآن، وذلك يستلزم كذبهم لما كانت عامة أفعال الإنسان بيده من جلب الخير ودفع الشر نسب تقديم العمل إليها، ولو كان من غير عملها، ولما كانت آلة للقدرة صح إطلاقها على النفس وهو معنى الآية، أى بما قدمت أنفسهم أى بما قدموا، كما نطلق على القدرة كقوله جل وعلا

ناپیژندل شوی مخ