قالوا ثم إن آدم لما لبس وستر العورة اشتكى، فقال له جبريل ما الذى أصابك؟ قال أجد فى نفسى قلقا واضطرابا، لا أجد إلى العبادة سبيلا، إلا أنى أجد من جلدى ولحمى كدبيب النمل.
قال جبريل ذلك يسمى الجوع، قال وكيف الخلاص منه؟ قال جبريل سوف أهديك إلى الخلاص منه، فغاب عنه ثم جاء بثورين أحمرين، والعدة والمطرقة والمنفخة والكليتين، ثم جاء بشرر من جهنم فوضعه بين يدى آدم، فطارت منه شرارة فوقعت فى البحر، فدخل جبريل إليها فأخرجها إليها فأخرجها فدفعها إلى آدم - عليه السلام - فطارت منه، حتى فعل ذلك سبعين مرة، فذلك قوله صلى الله عليه وسلم
" إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم "
فجاء بها فقالت يا آدم لا أطيعك وإنى منتقمة من عصاة أولادك يوم القيامة. فقال جبريل يا آدم إنها لا تطيعك، ولكنى أسجنها لك ولأولادك فى الحجر والحديد. وذلك قوله تعالى
أفرأيتم النار التى تورون
وروى فى الأخبار أن جبريل وضع الشرارة فى يدى آدم فأحرقته فخلى عنها، وقال آدم ما لها تحرق يدى ولا تحرق يدك.. قال لأنك أخطأت ولم أعصه أنا. ثم أمره جبريل باتخاذ آلة الحرث، فهو أول من عمل الحديد، ثم أتاه بصرة من الحنطة فيها ثلاث حبات، فقال يا آدم لك حبتان ولحواء حبة، فصار الميراث للذكر مثل الأنثيين. وكان وزن الحبة مائة ألف وثلاثين ألف درهم. فقال آدم ما أصنع بهذا كله؟ قال جبريل خذها فإنها سبب سد جوعتك، وبهذه أخرجت من الجنة، وبها تحيا فى الدنيا، وبها تلقى الفتنة أنت وأولادك فى الدنيا إلى يوم القيامة، ثم أمره أن يشد الثورين، ويكسر من الخشب ويضعه عليهما، ففعل ذلك وجعل يحرث الأرض بهما. فهو أول من حرث الأرض، وبكى الثوران على ما فاتهما من راحة الجنة، فقطرت دموعهما إلى الأرض فنبت منها الجاروس، وبالا، فنبت منه الحمص. وراثا فنبت منه العدس. ثم كسر جبريل تلك الحبوب حتى كثرت، ثم بذر ونبت من ساعته، قال آدم يا جبريل آكله؟ قال لا، اصبر حتى يدرك، فلما أسبل وأفرك، قال آكله؟، قال لا، فعلمه الدرس، فلما درس قال آكله؟، قال لا، وعلمه التنقية، فلما نقاه قال آكلة؟ قال لا، وعلمه الطحن بين حجرين، فلما طحنه قال آكله؟ قال لا، وعلمه الطحين ويقال إن آدم نخل دقيقه، وأمره جبريل أن يبث النخالة فى الأرض المحتصدة، فنبت الشعير فيها، فلما عجن قال آكله؟ قال لا، وأمره أن يحفر حفرة وأن يجمع الحطب فيها، ويوقد عليها نارا حتى جعله ملة بخبز، فهو أول من خبز الملة، فلما أخرجها قال آكله؟ قال لا، حتى يبرد، فلما برد قال آكله؟ قال كله. ودمعت عيناه فقال ما هذا التعب والنصب؟.
. قال هذا وعد الله الذى وعدك، فذلك قوله تعالى
فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى
أما إن ذلك أن تأكل من كد يمينك وعرض جبينك أنت وذريتك، فلما استوفى آدم من الطعام وجد تشكيا ولم يدر ما هو فذكر ذلك لجبريل، فقال له ذلك العطش. قال فبم أسكنه؟ فغاب عنه جبريل ثم عاد إليه ومعه المعول، ثم قال احفر فى الأرض فما زال يحفر حتى بلغ ركبتيه، فنبع من تحت رجليه ماء عذب زلال أبرد من الثلج وأحلى من العسل. فقال يا آدم.. اشرب منه شربة فشربها فاطمأن. ثم إنه بعد ذلك وجد شكوى أشد من الأولى والثانية. فقال يا جبريل ما هذا الذى أجده؟ فقال لا أدرى، فبعث الله ملكا ففتق قبله ودبره، فلم يكن قبل لذلك الطعام مخرجا، فلما خرج منه ما آذاه وجد ريحه فبكى على ذلك سبعين سنة. وفى بعض الإخبار أن الله - تعالى - لما أنزل على آدم الحديد نظر إلى قضيب من حديد نابت على الجبل، فجعل يكسر أشجارا قد يبست، ثم أوقد على ذلك القضيب حتى ذاب. وكان أول شىء ضرب منه مدرقة، وكان يعمل عليها، ثم ضرب التنور الذى ورثه نوح - عليه السلام - وهو الذى فار بالماء، وذكروا أنه أهبط آدم من الجنة ومعه قطعة من ذهب، فلذلك يبقى الذهب ولا يبلى بالثرى ولا يصدأ بالندى، ولا تنقصه الأرض ولا تأكله النار، لأنه من الجنة. وقيل إن الله عز وجل زود آدم - عليه السلام - من الجنة حين أهبط ثلاثين نوعا من الثمر عشرة فى القشور، وعشرة لها نوى، وعشرة لا قشور لها. فأما التى فى القشور فالجوز واللوز والبندق والخشخاش والبلوط والجلوز والشبا والراندج والمرماخ والموز. وأما التى لها نوى فالخوخ والمشماش والإجاص والفرسك والعناب والرطب والعبير والنبق والزعرور والمقل . وأما التى لا قشور لها ولا نوى فالتفاح والسفرجل والكمثرى والعنب والتوت والتين والأترج والخروب والخيار البطيخ. قال ابن عباس أهبط لآدم شجرة عنب فغرسها فأثمرت، فسرق ثمرتها إبليس فقال آدم ويلك أخرجتنى من الجنة ولا تريد أن يجعل الله لى فيها رزقا؟ فقال إبليس عدو الله إن لى فيها حقا، قال وما حقك فيها؟ قال لى قشرها ولكم سائرها. قال ابن عباس رضى الله عنهما - أهبط آدم عليه السلام بالسنبلة، وهى سيدة طعام الدنيا، والعجوة وهى سيدة ثمار الدنيا، وعن ابن عباس وعائشة وأبى هريرة عن النبى - صلى الله عليه وسلم -
" إن العجوة من غرس الجنة وفيها شفاء وإنها ترياق وعليكم بالتمر البرانى فانه يسبح فى كل شجرة ويستغفر لآكله ".
ناپیژندل شوی مخ