فهذا دليل قاطع فى ذلك والعموم شامل للخيل. فمن رأى دلالة العلوم قطعية يقطع بدخولها، ومن لا يرى ذلك يستدل به فيه، كما يستدل بسائر الأدلة الشرعية. ومن الآيات قوله تعالى فى سورة
آلم تنزيل
الله الذى خلق السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش
وجه الاستدلال اقتضى بها خلق ما بينهما فى الستة أيام وقد قلنا إن خلق آدم عليه السلام خارج عن الأيام الستة بعدها أو حاصل فى آخرها بعد خلق غيره كما سبق. ومن الآيات قوله تعالى فى سورة ق
ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب
وجه الاستدلال بها ما قدمناه فيما قبلها. فهذه أربع آيات تدل على ذلك فيها كفاية. وأما قولنا إن خلق الذكور قبل الإناث فلأمرين أحدهما شرف الذكور على الإناث، والثانى حرارته، وإن كانت الإناث من جنس واحد من مزاج واحد فأحدهما أكثر حرارة من الآخر. فقد جرت عادة القدرة الإلهية بتكوين أقواهما حرارة قبل الآخر. والذكر أقوى حرارة من الأنثى، فناسب أن يكون وجوده أسبق، ولتحصل المنة به أكثر، ولذلك كان خلق آدم عليه السلام قبل خلق حواء، ولأن أعظم ما يقصده له الخيل الجهاد، والذكر فى الجهاد خير من الأنثى، لأن الذكر أجرى أعنى أشد جريا وأقوى جراءة، ويقاتل مع راكبه، والأنثى بخلاف ذلك، وقد تقطع بصاحبها وهو أحوج ما يكون إليها إذا كانت وديقا ورأت فحلا. ولا يرد على ذلك ركوب جبريل عليه السلام أنثى، لما جاز البحر بموسى عليه السلام، لأن ذلك لركوب فرعون فحلا، فقصد طلبه للأنثى، وعجز فرعون عن إمساك رأسه، وأما قولنا إن العربيات قبل البراذين فلما روى من حديث إسماعيل - عليه السلام - أن الخيل كانت وحوشا، وأن الله تعالى ذللها لإسماعيل. رواه ابن عباس، فهى مخلوقة قبل آدم متوحشة، إلى أن ذللها الله - عز وجل - لإسماعيل، أو ركبت ثم توحشت إلى أن ذللت له، روى الترمذى عن ابن عباس - رضى الله عنهما - لما أذن الله - تبارك وتعالى - لإبراهيم وإسماعيل - عليهما الصلاة والسلام - لرفع القواعد، فقال الله تبارك وتعالى
" إنى معطيكما كنزا ادخرته لكما "
ثم أوحى الله تعالى إلى إسماعيل " ان اخرج إلى أجياد فادع يأتيك الكنز " فخرج إلى إجياد ولا يدرى ما الدعاء ولا الكنز، فأفهمه الله - تعالى - الدعاء، فلم يبق على وجه الأرض فرس بأرض العرب إلا جاءته وأمكنته من نصايتها، وذللها الله تعالى. ولأن العربيات أشرف وآصل، والبرذون إنما يكون بعارض أوعلة، إما فيه أو في أبيه أو فى أمه. ولم تكن البراذين تذكر، فيما خلا من الزمان، ألا ترى إلى قصة إسماعيل وقصة سليمان عليهما السلام؟ وإنما البراذين ما انتخس من الخيل. حتى اختلف العلماء هل يسهم له كما يسهم للفرس العربى أو لا؟ وفى حديث مراسيل مكحول فى بعض ألفاظه للفرس سهمان وللهجين سهم. فهذه الرواية تقتضى أن الهجين من لا يسمى فرسا، والهجين هو البرذون. وبالجملة البراذين حثالة الخيل، وما كان الله تعالى ليخلق من الجنس حثالة فى الأول. والله أعلم. قال الشيخ هود - رحمه الله - عن الكلبى خلق الله كل شىء قبل آدم، وأشار بخلقه السماوات وما فى الأرض إلى أنه قادر على جمع مواد الإنسان بعد تلاشيها، وعلى إحيائها، وأشار إلى أنه عالم بها وبمواقعها بقوله { وهو بكل شىء عليم } الجزئيات والكليات، والمفصلات والمجملات أفلا تعتبرون أن من قدر على خلق السماوات والأرض، وما فيها وهن، أعظم قادر على بعثكم؟ فإن إتقان هذا الفعل العظيم، لا يتصور إلا من عالم حكيم، لا يعجزه ما تلاشى بلا نقص منه ولا زيادة إليه، فهذا رد على إنكار البعث، وإثبات لكونه تعالى رحيما وحكيما، إذ خلق ما خلق نفعا للخلق، كأنه قيل هو عليم بمصالحهم فخلق ما خلق على وجه الحكمة، وذلك أيضا تعليل جملى مستأنف معنوى، كأنه قيل خلق ذلك لأنه بكل شىء عليم، وليس التعليل مستفادا من الواو كما زعم بعضهم. قال ابن هشام قال الخازنجى تكون الواو للتعليل، وحمل عليه الواوات الداخلة على الأفعال المنصوبة فى قوله تعالى
أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير ويعلم الذين يجادلون
أم حسبتم أن تدخلو الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين
ناپیژندل شوی مخ