لقد وفرت جمعية الاتصال لهما موطنا، لهما وللآخرين جميعا. ستامدوج، ذا ديدر، تاج، باينت، توت دي توتس، ديفول، فيوليت، لافنج نوز ... بعضهم كانوا بشرا طبيعيين بمقاييس الأرض، والبعض الآخر كان ذا موهبة غامضة غير متوقعة. كان البعض يمتلك إدراكا فائقا وقدرة تعبيرية عالية تتجسد في اللغة والموسيقى. وكان هناك أيضا أصحاب القدرة الهولوجرامية الخارقة، أولئك الذين يمتلكون القدرة على استدعاء خبرات الماضي بكل حذافيرها، أو ضحايا هذه القدرة، والذين يستطيعون إعادة خلق ذكريات دقيقة تماما بالكلمات والصور، أزمنة مفقودة حقيقية، وكانوا يشعرون باليوم الحاضر فقط بوصفه مقدمة خاملة لذكرى ما، وكانوا عاجزين تقريبا عن الفعل. وهناك المهووسون بالحسابات الرياضية، الذين لا يتحدثون كثيرا إلا بلغة الأرقام، ويدردشون بالأعداد الأولية والجذور التربيعية واللوغاريتمات الطبيعية، ويمكن إثاره ضحكاتهم العميقة عن طريق الإتيان على نحو غير متوقع على ذكر بعض التكرارات غير المتوقعة، مثل أعداد فيبوناتشي وغيرها. وهناك فاقدو الإدراك الداخلي الذين فقدوا قدرتهم على الحس العميق، ووعيهم الداخلي بأجسامهم، ومن ثم فهم يدركون الفضاء والأجسام والمادة والحركة بوصفها أشكالا صلبة مجسمة تطفو في أثير ملموس، وهم يتحركون في هذا العالم برشاقة عجيبة مفتقدة للحس لا تتحطم إلا حين يخطئون في حساب مسارهم ويصطدمون مباشرة بإحدى حقائق العالم المادية، ومن الممكن أن يؤذوا أنفسهم بشدة لو أخطئوا حساباتهم ثانية واحدة.
تساءل الناس عن الكيفية التي تتماسك بها جمعية الاتصال وكيفية مباشرتها لعملها. كانت ليزي تعرف الإجابة: ألف. لقد بسطت ألف شبكات فوق العالم كله أدناها، وبحثت عن المهارات أو القدرات الخاصة المتعلقة بأنماط الحس أو الإدراك غير المعروفة مسبقا ... نسخ من الوجود أو الصيرورة باتت تعتاد التفكير فيها إجمالا بوصفها «حالة ألف». وبعد أن جندتها لصالحها، ركزت على ما يجعلهم غرباء، وفي خضم هذه العملية توصلت في المعتاد إلى جوهر ما يجعلهم سعداء، أو في كثير من الحالات ما يجعلهم شديدي التعاسة، ومنحتهم متنفسا لحالتهم، ومن ثم لتفردهم. ونتيجة لذلك، كانوا شديدي الولاء بعضهم لبعض، ولألف بما يتجاوز حدود المنطق.
كانت تفهم أيضا سبب اهتمامهم بحالة جيري تشابمان؛ فقد رأى البعض فيها فرصة للخلود، بينما رحب البعض الآخر ببساطة ببسط نطاقهم الأصلي: فضاء الآلات غير متناهي المرونة والإبهام الذي تقابل فيه البشر وألف واتحدا.
قالت مخاطبة ديانا وجونزاليس: «تعاليا، سيكون تشارلي في انتظارنا.» •••
في وسط الغرفة كانت توجد طاولة معدنية، وأعلاها كرة ضوئية بجوارها مجموعة من الأدوات المغلفة الموضوعة في خزائن من الصلب الذي لا يصدأ. قالت ليزي: «لقد وصل الأطباء.» بعدها أشارت إلى تشارلي، الذي وقف يتململ إلى جوار الطاولة ود. تشو الضخم، الواقف في سكون عند الطرف البعيد للطاولة.
وفق توجيه تشارلي، استلقت ديانا على وجهها على إحدى الطاولات بالغرفة. توافق ذقنها مع تجويف غائر عند أحد طرفي الطاولة، ووضع تشارلي كلابات تثبيت حول صدغيها، ثم غطى شعرها بغطاء ملائم ينحسر عند قاعدة عنقها.
تحسست أصابع تشارلي طريقها في رفق كي تجد ما يقع تحت الجلد، وبينما كانت أصابعه تتحرك كان ينظر إلى صورة هولوجرامية تقع أعلى طرف الطاولة البعيد وتعرض ما يحدث وقت حدوثه. عرضت الشاشة مشهدين مقطعيين لرقبة ديانا والجزء السفلي من جمجمتها: أسفل الجلد، على كلا جانبي العمود الفقري، كان يوجد مقبسان دائريان، يمتد منهما سلكان صغيران إلى الأمام ويبدو أنهما يختفيان في منتصف الدماغ. وبينما كانت أصابع الطبيب تتحرك، جسدت أصابع خيالية على الصورة الهولوجرامية ما يحدث تماما.
أخرج تشارلي مجسا طويلا حادا كالإبرة من رف الأدوات المجاور للطاولة ووضع طرفه على رقبة ديانا. وبينما كان يحركه ببطء عبر الجلد، كانت الصورة الهولوجرامية تحاكي حركته. كان طرف المجس الهولوجرامي يضيء بلون أصفر، وتحرك تشارلي ببطء أكثر. وحين أضاء طرف المجس الهولوجرامي بضوء أحمر توقف تشارلي. بعد ذلك حرك المجس في أقواس دقيقة إلى أن أظهر الهولوجرام ضوءا أحمر ساطعا غير متقطع، وأصدر رف الأدوات هسيسا خافتا. كرر تشارلي العملية عدة مرات.
قال تشارلي: «لقد عزلنا أعصابها الآن. أنا جاهز للقطع.» هبط مبضع ليزري من السقف على طرف كابل أسود مرن، وأوضح جهاز عرض ضوئي الحدود الخارجية لدائرتين متوهجتين على جلد ديانا. وعرض الهولوجرام المشهد ذاته. أولا صدر أزيز قصير بينما أزيل الشعر الخفيف الموجود على هاتين الدائرتين بعيدا، ثم بدأ تشارلي القطع. وفي المواضع التي كان المبضع يمر عليها كان خط أحمر رفيع وحسب يظهر على جلدها.
تساءل تشو: «هل من مشكلات يا دكتورة هايوود؟» وكان يقف إلى جوار جونزاليس يشاهد ما يحدث.
ناپیژندل شوی مخ