هلاج
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
ژانرونه
والحلاج لم يستكمل تربيته الصوفية على أيدي المشايخ الكبار، لقد انفصم ما بينه وبينهم مبكرا، فحلق منفردا في القمم العالية، واصطلى وحده التجربة الصوفية كاملة، وألزم نفسه ألوانا من المجاهدة والرياضة، تعمد فيها القسوة والصرامة!
ومن هنا جاءت تلك البروق الشاطحة، وتلك الحرارة الدافقة، التي امتزجت بتعبيرات الحلاج، وطبعت مواجيده وألحانه! بل من هنا جاءت تلك الصلة الكبرى بين الحلاج وربه، تلك الصلة العالية الصوت في حياته، الصلة التي تجعلنا ونحن نقرأ للحلاج نحس برجل يعيش أنفاسه مع مولاه، فهو أنيسه وجليسه، وحبيبه ومربيه ...
يقول المستشرق ماسنيون في مقدمة كتاب الطواسين: «وليس هناك من متصوف في التاريخ أكثر «عشرة مع الله» من الحلاج الذي يتصل في حديثه معه «أنا» و«أنت» و«نحن» وليس هناك من شعر صوفي أشد حرارة وأكثر بعدا عن المادة من شعر الحلاج.»
يقول الحلاج، معبرا عن منهجه في السلوك: «إن الأسماء التسعة والتسعين تصير أوصافا للعبد السالك، وهو بعد في السلوك غير واصل.» ويقول: «من صدق مع الله في أحواله فهم عنه كل شيء، وفهم عن كل شيء ...»
ويقول - مصورا للصوفي: «الصوفي يكون مع الله تعالى بحكم ما وجب، ولا يكون على سره أثر من الأكوان، ويكون وجداني الذات، لم يشهده الحق غيره، فهو أعمى عن الكون. ويكون له مع الحق نسب يحمل به الواردات، ولا يذكر برؤية الكون غير الحق.»
ذلك هو المنهج الحلاجي، أو ذلك هو الحلاج الصوفي! إنه مع الله بحكم ما أوجب، مع إرادة الله بحكم ما قضت، وليس بقلبه أثر من الأكوان، وهو وجداني الذات، لا يبصر الكون، بل إن الكون لا يرى فيه غير الحق - غير الله - ثم إن له مع الحق لصلة من الحب والوجد والفناء، تعينه على تحمل الواردات، وتذوق الإلهامات، والقيام بالواجبات.
ونستطيع أن نتذوق منهج الحلاج في آداب السلوك الصوفي، تلك الأداب التي ألزم مريديه بها، من ذلك الدستور الذي وضعه لهم ... ولقد حفظ لنا أبو عبد الله السلمي - المؤرخ الصوفي الكبير - زبدة طيبة من ذلك الدستور ...
فالسلمي: يعرض لنا أدب المريد، ثم يقيم الشاهد والدليل من كلمات الحلاج ومذهبه ... والعلامة الكلاباذي - في التعرف لمذهب أهل التصوف - قد حفظ لنا جملا من هذا التراث، أدرجها تحت قوله: «قال بعض الكبراء.» لقد كانت محنة الحلاج الهائلة ترهب الكتاب، وترهب رجال التاريخ، فتصرفهم عن اسمه، وعن تراثه!
يقول أبو عبد الله السلمي: «من آدابهم ترك التدبير، والرجوع إلى حال التسليم، قال أبو الحسين بن منصور: من سلم إلى الله أمره صنع به، وصنع له، ومن وجد الله لم يجد معه غيره، ومن طلب رضاه حباه الله بالمكنون من سره، وهو قوله
ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما .»
ناپیژندل شوی مخ