هلاج
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
ژانرونه
يشهد صراعا عجبا فذا تدور رحاه حول رجل أعزل، ينازل وحده، في بطولة متحدية، صابرة شامخة، القوى الحاكمة في العراق، وهي أعظم قوى الأرض في عصرها!
وكان منظرا مسرحيا، لم تشهد مسارح الدنيا مثيلا له من قبل، مئات المشاعل تضيء شواطئ دجلة، وتكشف آفاقها، وتغمر مياهها بالألوان والظلال.
وهنا وهناك قامت حلقات وأروقة للذاكرين من الصوفية، وللمجادلين من المعتزلة، وللمتناظرين من الحنابلة، وللمتعصبين من الشيعة، يديرون حديث القلب والعقل حول المشهد العظيم، الذي هز بغداد وأطار النوم من جفونها.
وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، شتيت من الأجناس والطوائف، المتعددة الأهواء والثقافات، والميول والاتجاهات.
ويمشي بين صفوف هؤلاء وهؤلاء تلاميذ الحلاج وأحبابه، يتحدثون عن إيمانه ورسالته، وكراماته وعجائبه، ويشتط الخيال بفريق منهم، فيذهب بهم بعيدا بعيدا، ليضفي على الحلاج قداسات أكثر مما تطيق البشرية، وأعلى مما تستطيع الإنسانية!
وتتلقف آذان الجماهير، هذه الأحاديث البارعة الملونة، فتخفق قلوبهم، للشهيد المعذب المصلوب، وتثور عواطفهم، للقطب المضطهد المظلوم!
وداخل هذا الإطار الكبير بألوانه وظلاله، يقف الحلاج مشدودا بوثاقه على مصلبه الدامي، مترنما بألحانه، محلقا في نشوة قلبية أكبر من آلامه، وفي ثمل روحي أعظم من عذابه.
إنه في عالمه العلوي الروحي المضيء، بعيدا بعيدا، عن الأرض وما يدبر فيها، وما يصب عليها!
إن صمود الحلاج على مصلبه، لزاد من الخلود - كما يقول الشبلي - أعلى مما يفهم من لم يذق مذاقه ويحيا حبه!
قطع قدماه!
ناپیژندل شوی مخ