داسې وویل زرادشت: کتاب په ټولو او هیڅ کې د ټولو لپاره
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
ژانرونه
إن فلسفة لا تستنيم لفكرة الفناء ولا ترى في النهاية إلا عودة إلى بداية ليست بالفلسفة الجاحدة، فالمفكر المؤمن بإنسانية عليا تتدرج إلى الكمال حتى ولو قال بألوهية الإنسان على الأرض لا يمكنه إلا أن يؤمن في قرارة نفسه بكمال مطلق تتشوق روحه إليه ما وراء هذا العالم. •••
ولا بد هنا من إيراد تاريخ موجز لحياة هذا الفيلسوف، وليس في حياته القصيرة وهي مليئة بالآلام من الحوادث ما يستحق التدوين غير المراحل التي مر عليها تفكيره فتأثر بها، وهل نيتشه إلا فكرة وهل حياته إلا وقائع ميادينها السطور والصفحات.
ولد هذا العبقري الثائر سنة 1844 في بلدة روكن من أعمال ألمانيا، وكان أبوه واعظا بروتستانيا من أسرة بولونية هجرت بلادها في القرن الثامن عشر على أثر اضطهاد شرد منها أشياع كنيسة الإصلاح.
وما بلغ فريدريك الخامسة من عمره حتى مات أبوه، فكفلت أمه تربيته وتربية أخته فأرسلته إلى مدرسة نومبورغ، ثم انتقل منها سنة 1864 إلى كليتي بون وليبسيك حتى إذا بلغ الخامسة والعشرين من عمره سنة 1869 تجلى نبوغه فعين أستاذا للفلسفة في كلية بال.
بعد سبع سنوات؛ أي سنة 1876 ظهرت عليه أعراض «الزهري الوراثي» فحكمه صداع شديد أضعف بصره فبقي يلقي الدروس حتى سنة 1879؛ إذ اضطر إلى الاستعفاء ليذهب متنقلا بين روما وجنوا ونيس وسيل ماريا وهو يعمل الفكر ويكتب مصارعا علته عشر سنوات، فلا هو يبرأ منها فيحيا، ولا هي تجتاح دماغه الجبار فيموت إلى أن جاءته سنة 1889 بالفالج مقدمة للجنون فتوارى سنة 1900 بعد أن سبقته إلى الموت عبقريته العليلة وإرادته الوثابة الجبارة. •••
ذلك كان فريدريك نيتشه، مجسم القوة المفكرة التي دارت بها النائبات، وحاصرتها الأوجاع، وتصادمت مع تيارات الفلسفات التي كانت تهب في ذلك العهد في ألمانيا وفي أوروبا بأسرها حاملة للعالم مبادئ تضعضع العقل وتهز المجتمع بتقويضها كل عقيدة تقيم أمام الإنسان غاية لحياته.
فقد كانت أفكار فيخته وشللينغ وهيغل وشوبنهور تهب جميعها ناشرة في أوروبا مزيجا من مذاهب القدرية والعدمية ووحدة الوجود والإرادة الحرة، فقال شوبنهور: إن روح الوجود قوة طائشة عمياء أدركت نفسها في عقل الإنسان وشعوره فوجم حائرا وفي نفسه ظماء في صحراء لا ماء فيها غير وهج السراب. ولم يجد هذا الفيلسوف من علاج لهذه العلة غير التمرد على الحياة نفسها بترك ملذاتها، والالتجاء إلى الزهد وانتظار الفناء في ما يشبه النيرفانا وهي القوة التي تتلاشى كل شخصية فيها.
وكانت الفلسفة الدينية تقاوم هذه التيارات للاحتفاظ بالعقيدة المسيحية بأبحاث لاهوتية ينسجها حول تعاليم عيسى رهط من المفكرين كنويمن وكورليج وكارليل وشلير ماخر وبيارلرو وجان باينو وشارل سكريتان وأضرابهم فزجوا بالإنجيل في مآذق مجادلات ليست منه وليس منها في شيء، وهل خطر لذلك المعلم الإنساني وهو يدعو إلى تطهير النفس ومقاومة الظلم والأخذ بالرحمة وإقامة الإخاء بين بني الإنسان أن ينشئ مدرسة للتعليل عن مظاهر الكون ومنشأ الروح والانعكاسات من الآفاق والانطباعات في السرائر، بل هل خطر له أن يبحث علاقته بالله وعلاقته هو وحده أو هو وأب الخليقة كلها بروح القدس؟ •••
وأخذ نيتشه بهذه التيارات تهب من كل جانب على فكره الوقاد تلهبه الآلام، وتثير تشوقه إلى حال يعلل فيها سبب وجوده وهدف صبره وجهاده.
إن الرجل المتمتع بصحة الجسم وبشيء من العزم يكتفي من هذه الحياة بما تعطيه فإذا آمن بالله واليوم الآخر وقف عند إيمانه هذا مرتاحا إلى ضميره، وإذا أخذ بفلسفة الجحود رضي بهذه المرحلة من شعوره بذاته وطلب أوفر تمتع بأقل جهد.
ناپیژندل شوی مخ