229

داسې وویل زرادشت: کتاب په ټولو او هیڅ کې د ټولو لپاره

هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد

ژانرونه

فقال العراف: أتسمع يا زارا، إن النداء موجه إليك، تعال، تعال ... فقد لا تصل إلا بعد فوات الأوان.

وبقي محتفظا بصمته ولكنه شعر باضطراب زعزع إرادته فسأل مترددا: ومن ذا يناديني من بعيد؟

فأجاب العراف: إنك تعرف فعلام تتجاهل؟ ذلك هو الإنسان الراقي يناديك مستنجدا.

وارتعش زارا قائلا: ماذا يريد مني؟ ماذا يطلب الإنسان الراقي هنا؟

وبدا جلده يتصبب عرقا.

أما العراف فلم يأبه لاضطراب زارا، بل انحنى فوق الهاوية متنصتا، وإذ طال السكوت في الغور أدار ظهره فرأى زارا لم يزل منتصبا مكانه وهو يرتجف فقال له بصوت حزين: لا يلوح لي أنك الرجل الراقص لسعادته، فارقص إذا شئت إلا تقع على الأرض، ولو أنك رقصت بكل حركاتك أمامي الآن فإنني لا أصدق أنك آخر من يتمتع بالسعادة بين الناس، وإذا ما تسلق أحد هذه الذرى آملا أن يجد آخر السعداء فإنه ليفتش عبثا عليه؛ إذ لا يجد سوى المغاور يختبئ فيها من يحب الاستتار، إن مكامن السعادة ليست في هذه الأرجاء، وهل من سعادة ترتجى بين من دفنوا أنفسهم وتنسكوا؟ فهل وجب علي أن أفتش على السعادة في الجزر السعيدة بعيدا وراء البحار؟

ولكن ما لي ولهذا ما دام لا شيء في الوجود يستحق العناء والاهتمام، وعبثا نفتش فإن الجزر السعيدة قد توارت من الوجود.

وبعد أن أنهى العراف خطابه ودفع آخر زفرة من صدره عادت الغبطة إلى زارا، فإذا به ينتفض كمن يخرج من الظلمة ليستقبل النور ويقول وهو يلعب بلحيته.

لا وألف لا ... إنني أعلم منك، فالجزر السعيدة لا تزال مكانها فاصمت أيها النداب، ما أنت إلا غمامة تمطر على بسمة الصباح وقد بللتني دموعك ، ولكنني أنفضها عني وأفزع منك إلى بعيد، أفما تراني أعاملك بالحسنى؟ لا تعجب لهذا لأنك نازل في مملكتي.

ها أنذا ذاهب إلى مصدر صوت الاستنجاد في هذا الغاب؛ لأفتش على الإنسان الراقي فلعله معرض للخطر بين الوحوش الضارية، وأنا أحاذر أن يلحق به ضرر في مملكتي، وما أكثر الضواري فيها!

ناپیژندل شوی مخ