داسې وویل زرادشت: کتاب په ټولو او هیڅ کې د ټولو لپاره
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
ژانرونه
فيا لسماء الشتاء من آفاق صامتة تتغلب أحيانا على الشمس فتدعها ملفعة بصمتها، فهل اقتبست من هذه السماء الانقباض على النور في السكون الطويل أم هي تعلمت ذلك مني؟ ولعل كلا منا أوجد هذا الوجوم الصامت لنفسه؟
إن للأشياء الحسنة مصادرها المتعددة لأنها تطفر مرحة في الوجود فلا يمكن أن تلوح وشيكا وتتوارى.
وما الصمت الطويل إلا في عداد هذه الأشياء الحسنة المرحة؛ لذلك صفا أديم وجهي كأديم السماء بعد إمطارها واستقرت اللحظات الهادئة في عيني، فأنا أحجب شمسي كما تحجب سماء الشتاء شمسها، فأخفي إرادتي وقد تعلمت هذا المكر من الشتاء، فبلغت من فني مرتبة منعت بها صمتي أن يفضح بالصمت نفسه، فأصبحت ألهو بمخادعة المتعظمين وإشغال انتباههم الصارم بالتكلم وباللعب بالنرد، وهكذا لن يتمكن أحد من سبر أعماق حكمتي وأقصى إرادتي، وذلك ما رميت إليه عندما أوجدت السكون الطويل.
ولكم رأيت من رجل ماكر يضع نقابا على وجهه، ويعكر المياه في أعماقه كيلا يتمكن أحد من نفوذ أقصى سريرته، فالتف حوله كبار الماكرين رواد المصاعب فاصطادوا جميع ما أخفى من أسماك في قعر مياهه.
إن من لا يفضحهم الصمت إنما هم من نقت نفوسهم وشفت قلوبهم، غير أن أقصى سرائرهم لا تنكشف للنظر وهي السحيقة الأغوار تحت أطباق المياه الشفافة الصافية.
إنك رمز لنفسي يا سماء الشتاء بأديمك الأبيض وعيونك البراقة الصافية، وورائك مثل ما تضمر هذه النفس من ثورة واضطراب، ولقد حق علي أن أحتجب كمن ابتلع الذهب كيلا أعرض روحي لمباضع المتجسسين، ولقد وجب علي أن أنتعل القباقب المرتفعة؛ لأخفي طول قائمتي عن أعين من يدورون بي من لؤماء الحاسدين، إنها لن تحتمل النظر إلى سعادتي هذه النفوس الجافة العتيقة المتهرئة المفسخة ...
من أجل هذا لا أظهر لهم غير شقائي والثلوج المكللة لذرواتي مخفيا عنهم أن جبلي تمنطقه الشمس بجميع أنوارها، وإذا هم سمعوا من مرتعي شيئا فلا يسمعون إلا ولولة الزوابع أدفع بها إليهم، فلا يخطر لهم ببال أنني أمر أيضا على الأمواج الحارة فأحمل منها لفحات ريح الجنوب.
إن هؤلاء الناس يشفقون علي لما يطرأ لي من الحادثات ومن تصاريف الزمان، في حين أنني أهتف قائلا دعوا الصدفة تأتي إلي فإنها طاهرة كالأطفال.
أكان لهؤلاء الناس أن يطيقوا تمتعي بالسعادة لولا أنني لم أحط سعادتي بحادثات الشتاء ومصائبه، ولم أتدثر بالفراء وعباءة الشتاء؟
إنني إن أشفقت لإشفاق هؤلاء المتألمين في كيدهم، وإن ارتجفت من البرد أمامهم، ورضيت بأن تدور رحمتهم بي فما ذلك إلا لحكمة مرحة في نفسي، لا تخفي ما يدور بها من عاصفات الشتاء ولا تستر ما ألم بها من قروح الصقيع.
ناپیژندل شوی مخ