داسې وویل زرادشت: کتاب په ټولو او هیڅ کې د ټولو لپاره
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
ژانرونه
هكذا تكلم زارا، وهو ماثل على قمة الجبل تدور به لفحات الصقيع، ولكنه ما بلغ الشاطئ ووقف بين نتوءات صخوره حتى حل عليه التعب وتزايدت أشواقه، فقال: «إن البحر هاجع أيضا فعينه الوسنى تحدجني بلفتات غريبة وأنفاسه الحرى تهب علي. إنه مستغرق في أحلامه يتقلب مضطربا على جافيات مسانده، إنني أستمع لهديره كأنه يئن بتذكارات مفجعات، وقد يكون هذا الهدير نذيرا بالشؤم في آتي الزمان.
إنني أشاطرك الأسى أيها المدى المظلم الوسيع، فأنا بسببك ناقم على نفسي أتمنى لو طالت يدي فأنقذك من أصفاد أحلامك.»
وانتبه زارا، فإذا هو يضحك ساخرا من ذاته فتمرمر وتساءل عما إذا كان سيبلغ به حماسه إلى إطلاق إنشاده لتعزية البحار، وعما إذا كان سيستمر مضعضعا في سكرة غرامه واستسلامه فقال: «لقد عرفتك في كل زمان يا زارا تقتحم الأمور الخطيرة بلا كلفة وبلا مبالاة، وقد رأيتك طوال حياتك تدغدغ الوحوش المفترسة، فكان يكفيك منها أن تهتاج حبك بأنفاسها الحرى وبنعومة مخالبها لتجتذبك إليها.
ليس من خطر أعظم من الحب يحدق بالمستغرق في عزلته، فإن المنفرد يحب كل شيء يتنسم فيه الحياة، وما أعجب جنوني بالحب وتساهلي فيه!»
هكذا تكلم زارا وقد عاد إلى الهزء بنفسه، غير أنه تذكر من هجر من خلانه، فخيل إليه أنه يسيء إليهم بتفكيره فيهم، فنقم على نفسه وانقلب من ضحكه إلى البكاء، فسالت دموعه مريرة يتمازج فيها الغضب والشوق.
الرؤى والألغاز
1
وعندما تناقل البحارة خبر وجود زارا بينهم - وكان بلغهم ذلك من رجل دخل السفينة معه قادما من الجزر السعيدة - ساد الجميع شيء من القلق وباتوا يتوقعون حدثا في وجوده، غير أن زارا بقي يومين جامدا تساوره أحزانه، تحدق فيه الأنظار فلا يلتفت، وتوجه إليه الأسئلة فلا يجيب، وأخيرا أصغى لما يقال حوله متوقعا سماع أبحاث لها خطورتها تدور على هذه السفينة القادمة من بعيد والمتجهة إلى أماكن سحيقة، وما كان زارا لينفر من الأسفار البعيدة ومن الأخطار، وبعد أن أصغى طويلا حلت عقدة لسانه فانطلق يقول: إليكم أيها الشذاذ الجريئون أيا كنتم، أيها المستسلمون للشراع الغدار على هائجات الأمواج.
إليكم أيها الثملون بخمرة الأسرار، المنجذبون بين خيوط الظلمات والأنوار إلى نغمات كل شبابة تنوح في المجاهل الخفية، إنكم تنفرون من تلمس طريقكم بيد مرتجفة على ما نصب من دليلات الحبال؛ إذ تفضلون الإدراك بالحس على الإدراك بالاستقراء.
إليكم دون سواكم أوجه الخطاب لأخبر بما تجلى من ألغاز وبما خطر من رؤى لأشد الناس استغراقا في عزلته.
ناپیژندل شوی مخ