حافظ نجیب: د ادیب محتال
حافظ نجيب : الأديب المحتال
ژانرونه
يعكس لنا قدرته الفائقة في التمثيل والتحكم في النفس!
خرج حافظ من تجربة الجاسوسية بإمكانيات متقدمة في فنون الحيل والتنكر، استخدمها فيما بعد في تصرفاته العملية، وفي الإيقاع بالنساء! فعندما رأى ألكسندرا أفيرينو احتال عليها حتى أعجبت به ووثقت فيه، وسلمته صندوق نياشينها. وعندما أضاع أحد هذه النياشين أبلغت عنه البوليس - بإيعاز من فيزنسكي - فتم القبض عليه وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، وفي الاستئناف تم تخفيف الحكم إلى ستة أشهر، قضاها في سجن الحضرة بالإسكندرية، فكانت هذه أول مرة يسجن فيها حافظ نجيب.
22
وعندما خرج حافظ من السجن، لفقت له فيزنسكي قضيتين، الأولى تمثلت في أنه قضى ليلة حمراء في أحد بيوت الدعارة، وأكل وشرب الخمر، وفي الصباح هرب من البيت دون أن يدفع ثمن ملذاته! والأخرى تمثلت في أنه ركب حنطورا وعطله لساعات طويلة دون أن يدفع للعربجي أجرته، فتم القبض عليه على ذمة القضيتين. ويستكمل حافظ - في اعترافاته - هذه القصة قائلا: «وأرسلت في الصباح إلى النيابة فحولتني إلى سجن الحضرة من جديد، وصدر حكمان في القضيتين بأمر حبس احتياطي، ولما تحددت جلسة المحاكمة صدر الحكم بحبسي سنة ونصف، وأيد الاستئناف الحكم الابتدائي فقضيت العقوبة في السجن.»
23
ومن الملاحظ هنا، أن حافظ نجيب حاول بكل جهده نفي تهمة النصب والاحتيال عن نفسه، خصوصا فيما يتعلق بنيشان ألكسندرا أفيرينو، متهما الراقصة حميدة بأنها السارقة، وأن سجنه كان بسبب فيزنسكي، وكأنه بريء من الموضوع برمته! فهل يعقل أن حافظ نجيب - بكل ما لديه من مهارة في الحيلة والتنكر والهرب، وقدراته المكتسبة من عمله كجاسوس - يقع في مثل هذه القضية! وإذا كان بريئا حقا، فكيف يتم تجريمه في الحكم الابتدائي والاستئناف أيضا؟! وإذا اقتنعنا ببراءته، فكيف نصدق أنه بريء من تهمتي النصب والاحتيال على امرأة بيت الدعارة وعلى العربجي! فهل من المعقول أن يكون بريئا، ويتم الحكم عليه والتصديق على الحكم في الاستئناف أيضا؟!
ونقطة أخرى في غاية الأهمية؛ كيف يتم سجن حافظ نجيب لمدة ستة أشهر، في تهمة تبديد نيشان لإحدى الأميرات، ثم نجده يسجن سنة ونصف في جريمتي نصب واحتيال على امرأة لعوب وعلى عربجي؟! فمن المؤكد أن الجريمة كانت أكبر من ذلك بكثير، وإلا لما كانت العقوبة قاسية، دون تخفيفها في الاستئناف، بل التأكيد على الحكم الابتدائي، وهذا يعني أن الجريمة ثابتة بكل أركانها!
قضى حافظ مدة العقوبة، وبعد خروجه تعرض لمحاولة قتل، نجا منها بأعجوبة، واستطاع أن يقبض على القاتل ومن ثم مصادقته، فعرف منه أن الأميرة فيزنسكي هي التي استأجرته لقتله! وبعد هذه الحادثة تورط حافظ في مجموعة من جرائم النصب والاحتيال أيضا، منها احتياله على أحد المحال التجارية، ومنها احتياله ونصبه على الراقصة منتهى الأمريكية، عندما استولى على سوارها الذهبي بحجة استبداله بسوار من الماس، فتم القبض عليه ووضع في السجن! ثم نجده - في اعترافاته - يدفع عن نفسه هذه التهم، بحجة أنها من تلفيق الأميرة فيزنسكي،
24
قائلا: «أدركت في الحال أن اليد الخفية لا زالت تعمل في الخفاء لتحضير وسائل الانتقام، وأيقنت بأن الحكم ضدي سيكون شديدا ... ولكن الاستمرار في الرضوخ لنظرية احترام الأحكام معناها إضاعة سني عمري بسبب التهم التي تكال لي وصدور أحكام ضدي بسببها. من حق كل إنسان الدفاع عن حياته والاحتفاظ بالسلامة. ففي مقدوري عدم مخالفة القانون، ولكن ليس في مقدوري دفع اتهام باطل تدبر أسبابه وتجمع اليد الخفية الشهود الزور لإثبات الإدانة، فصار من المحتم علي أن أحمي حياتي من خصومي، والوسيلة المفردة للتمكن من الحماية هي عدم تنفيذ ما يصدر ضدي من الأحكام، وهذه النظرية والوسائل التي لجأت إليها لتنفيذها هي التي خلقت شهرة حافظ نجيب.»
ناپیژندل شوی مخ