هفوات نادره
الهفوات النادرة من المغفلين الملحوظين والسقطات البادرة من المغفلين المحظوظين
پوهندوی
صالح الأشتر
خپرندوی
منشورات مجمع اللغة العربية بدمشق
ژانرونه
بلاغت
٢٤٦ - وحدث ابن أبي عون عن أبيه عن الفضل بن مروان قال: كان محمد بن الفضل الجوجرائي شديد البخر، فدخل يومًا إلى إبراهيم بن المدبر، وذكر في عرض الحديث حال جارية له لطيفة الموقع من قلبه، كثيرة الحظ من شغفه، محبة مع موافقة، وأنه كان يدخل لسانه في فمها منذ أول الليلي وإلى آخره؛ فقال له إبراهيم بن المدير: حق لهذه ألا تعيش! أراد لنتن فيه، ولم يفطن محمد بن الفضل لما ذهب إليه فقال: هكذا والله كان، ما عاشت إلا قليلًا ثم ماتت؛ فضحك أهل المجلس حتى كادوا يفتضحون.
٢٤٧ - وقال موسى بن عبد الملك للناس وقد تكاثروا بين يديه في ديوان الخراج: تقدموا إلى خلف! وخرج إليه يومًا صاحب خزانة السلاح فقال له: قد تقدم أمير المؤمنين يعني المتوكل بابتياع ثلاثين ألف رمح، طول كل واحد أربعة عشر ذراعًا، فقال: نعم هذا الطول، فكم يكون العرض فضحك الناس منه، ولم يفطن لما غل فيه!
٢٤٨ - وكان أحمد بن الخصيب وزير المنتصر خفيفًا طائشًا، وكان يرفس المتظلمين إذا كثروا عليه وهو راكب، ويبصق عليهم فقال فيه بعضهم:
قل للخليفة يابن عمِّ محمدٍ ... أشكلْ وزيرك إنه ركالُ
أشكلهُ عن ركلِ الرِّجال وأنْ تردْ ... مالًا فعند وزيرك الأموالُ
وقال فيه أحمد بن أبي طاهر:
قل للخليفة يابن عمِّ مَّحمدٍ ... أشكلْ وزيرك أنَّه محلولُ
فلسانُه للشَّتم في أعراضنا ... والرجلُ منه في الصدور تجولُ
كم طالبٍ لظلامةٍ أو حاجةٍ ... متعرضٌ لكلامه مرْكولُ
وكان أحمد بن محمد بن المدبر يقول: إنما رزق الله تعالى أحمد بن الخصيب الحظ الذي رزقه ليعلم الناس أن الأرزاق ليست بالاجتهاد ولا الاستحقاق، وأنها فوضى بين العقلاء والجهلاء! وقال رجل لأحمد بن الخصيب يصف عنده رجلًا: ما سمع إلا سبع! فقال أحمد: تقول: سبع! أنا أعرف به منك، والله ما هو إلا تسع! يذهب إلى العدد.
٢٤٩ - وحدث علي بن عبد الغفار قال: أصيب أحمد بن الخصيب بمصيبة فخرج إلينا يعصر عينيه ويقول:
غيضنَ من عبراتهنَّ وقلن لي ... ماذا لقيتَ من الهوى ولقينا
فقلت: ماذا؟ قال: لنا رأيت النساء يبكون قلت هذا البيت فيهن! فقلت: إنه لجرير! فقال: وما في هذا، قد يقع توارد! وقرأ يومًا أحمد بن الخصيب كتاب وقف أشناس بسر من رأى في أيام المعتصم بالله، وبلغ إلى موضع فيه: "بتا بتلًا" فقال: "تباّ تبلًا" فقال بعض الحاضري: قاتله الله، أما سمع قط بلفظ الطلاق! ووقع يومًا في ذكر رجلين كانا زنديقين، فنزعا ورجعا، وأمر لهما بصلة: "هذان اللذان كانا زنديقين أسلما! ".
٢٥٠ - وقال ابن حمدون: قال لي المنتصر بالله يومًا: شعرت يابن حمدون بأن أحمد بن الخصيب على غاية الجهل، وأنه يشتمني في وجهي شتمًا يذكر فيه حرمي، فتمنعني خدمته لي وحرمته بي من الإساءة إليه في مقابلته عليه! فقلت: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين، ومن يقدم على هذا؟ فقال: إذا دخل في غد إلي فاحضر بين يدي، فركبت في غد، ولم يكن يوم نوبتي، ووافى أحمد، فلما انصرف الموكب وتقوص المجلس قام المنتصر وأخذ بيد أ؛ مد، وماشاه في ممر دار البستان، وأنا اتبعهما، فسمعت المنتصر يقول به: قد طالبتني السيدة بإقطاعها ضياع أم المتوكل فما ترى؟ قال: لا، ولا كرامة لهذه الفاجرة! قال: وقد التمست أيضًا أن نقيم لها ولخدمها مثل ما كان لأم المتوكل من الإقامات والإنزال! فقال: دق يدها الفاجرة على رجلها وقل لها: حتى نرضي الموالي أولًا! قال ابن حمدون: والتفت المنتصر إلي وقال: هاتان ثنتان سماعًا من غير إخبار!
٢٥١ - وذكر المبرد قال: قرأ ابن رياح كتاب الصدقات بحضرة المنتصر بالله، وأحمد بن الخصيب حاضر، وقال: "في كل ثلاثين بقرة تنيع"، فقال المنتصر: وما التبيع؟ فبادر ابن الخصيب وقال: البقرة وزوجها! فقال المنتصر لابن رياح: أكذاك هو؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، ووصف له التبيع، فقال ابن الخصيب: هذا متفق عليه!
٢٥٢ - وذكر المبرد أيضًا أن ابن الخصيب قرأ على المنتصر حسابًا قال في بعضه: "وعشرة آلاف درهم في مرمة التنور"، فقال: ما هذا؟ تنور يرم بعشرة آلاف درهمّ وتؤمل ذلك فكان: "في مرمة السور.
1 / 66