ولم يطل به العذاب فقد صدر قرار ترقيته إلى درجة مدير الإدارة في نفس الشهر. وفيما بعد تذكر ذلك اليوم بوجد وكان يقول: وقعت المعجزة في غمضة عين!
وقال أيضا: لم يعد يفصل بيني وبين المدير العام فاصل من الكادر!
ولكن كيف وقعت المعجزة؟ جرى في تقديره يوما أنه سيحال على المعاش قبل أن يتحرك أحد في الطابور أمامه، ولكن حدث تعديل وزاري اختير فيه وكيل الوزارة وزيرا، ثم أعقب ذلك التغييرات السعيدة المفاجئة. وقال له بهجت نور وكيل الوزارة: رقيتك رغم الاعتراضات الكثيرة ..
فشكر له فضله ولكنه تساءل بأسف: ولماذا الاعتراضات؟
فقال الوكيل: إنك فوق قمة عمرك الحكومي فلا يمكن أن تجهل سببا مما تسأل عنه ..
وعلى أي حال انفتحت نفسه للعمل كحاله الأول، وتعهد أمام ربه بأن يسجل في رياسته الإدارة تاريخا فذا حافلا بالعلم والذكاء والفتاوى الخالدة، وأن يثبت للجميع أن الوظيفة عمل مقدس وخدمة إنسانية وعبادة بكل معنى الكلمة. ومن أول يوم قرر أن يتعاون مع عبد الله وجدي بصدق، لأن التعاون مع المدير العام طقس من طقوس العبادة في العمل، ولأنه لم يخن واجب الوظيفة أبدا، بل قرر أن يغطي ضعفه بخبرته، يقدم له من الخدمات الخاصة ما هو في حاجة إليه أسوة بوكيل الوزارة نفسه، ولعله يجني يوما ثمرة ما يزرع. وجعل يقول لنفسه : عبد الله وجدي في حكم الشباب حقا ولكن عصر المعجزات قد عاد!
ولكنه في الحقيقة لم يعتمد على المعجزة وحدها! كان يرمق بدانة عبد الله وجدي باهتمام ويتابع ما يقال عن نهمه في الطعام والشراب بارتياح خفي، ويردد فيما بينه وبين نفسه: ما أكثر الأمراض التي يتعرض لها أمثاله!
وهو حق وعدل. لم لا؟ إنه برغم الهفوات رجل مؤمن، من رجال الله، ومن مريدي الحسين، والله لن يتخلى عنه. قال: هل يستطيع الإنسان في يوم الحساب أن يقدم خيرا من طموحه النبيل وعمله المقدس وتقدمه الثابت وسجلا بالخدمات التي أداها للدولة والناس؟!
وقال أيضا: إن الدولة هي معبد الله على الأرض، وبقدر اجتهادنا فيها تتقرر مكانتنا في الدنيا والآخرة ..
أما حياته الزوجية فلم تنعم بالهدوء والازدهار طويلا. ومتاعبها كانت متوقعة رغم مغالطة النفس والتعلق بالآمال. وقال لها: قدرية، إنك تفرطين في شرب الخمر.
ناپیژندل شوی مخ