حرف الزاي
زينب عبد الحليم النجار
ولدت ونشأت في عطفة الكردي بالحسينية لأب مصري يدعى عبد الحليم النجار - صاحب دكان نجارة صغير بالحسينية - وأم سورية.
وقد تزوجت من سرور أفندي بعد زواج شقيقه الأكبر عمرو بثلاثة أعوام. وكان عزيز يؤمن بالزواج المبكر فلم يلق بالا لاعتراض سرور وقال له: الزواج لأمثالك دواء ناجع.
وقال له أخوه عمرو: أنت صاحب مزاج وعلى قد حالك، والزواج أرخص وسيلة!
واستعانوا بخاطبة فدلتهم على بيت عبد الحليم. وكان الرجل ذا سمعة طيبة وميسور الحال لدرجة لا بأس بها. أجل اعترض عليه بصفة صاحب حرفة ولكن الخاطبة قالت: البنت أدب وجمال.
وذهبت نعمة وراضية للزيارة التقليدية. انبهرتا حقا بجمال العروس. وكانت بيضاء فاحمة الشعر ذات عينين خضراوين وجسم لدن ونظرة عميقة الهدوء. وقالت نعمة وهما في طريق العودة: آية في الجمال.
فأشعلت غيرة راضية وقالت كأنما تؤيد وتدافع: أما الأصل فكلنا أولاد حواء وآدم!
وزفت زينب إلى سرور في بيت مجاور لبيت عمرو بميدان بيت القاضي، وحال رفع النقاب عن وجهها وقع في غرامها، أما هي فقد أحبته حتى آخر عهدها بالحياة. وقد أنجبت له من الذرية: لبيب وجميلة وبهيجة وزينة وأمير وحازم، وكان جمالها جواز المرور إلى احتفاء الأسرة وفروعها بها، ورسخ الأثر بأدبها ودماثتها وهدوء طبعها. أجل شعرت بغريزة ما بغيرة راضية منها ولكن لم ينجم عن ذلك أي مضاعفات بفضل هدوء طبعها المتمادي لحد البرود. طالما احترمتها وجاملتها وقدمتها على نفسها بوصفها حرم الشقيق الأكبر. وطالما أملت أن يكون أبناؤها أزواجا لبناتها، وكلما اتجه أحدهم إلى قبلة أخرى اتهمت راضية بأنها وراء انحرافه عن قبلته المشروعة وصاحبة الحق الأول فيه. ولكن ذلك لم يفسد الود بين الأسرتين، ولا ظهر فيه أثر فوق السطح. متاعبها الحقيقية بدأت مع اقتراب سرور من الكهولة، فلم يغب عن إحساسها اليقظ تململه ولا تطلعه التلقائي لكل من هبت ودبت من حسان الحي. وبسبب ذلك قام النزاع بينهما على كبر. من ناحيته دفع عن نفسه التهم بحدة وعصبية، ومن ناحيتها عاتبت واشتكت بصوتها المهموس ودماثتها الصامدة، ولما فرغ صبرها شكته إلى أخيه الأكبر عمرو أفندي، وقال عمرو لأخيه: الناس تكبر تعقل.
فأكد له أن الأوهام لا تريح زوجته، فقال عمرو: أولادك كبروا أيضا.
ناپیژندل شوی مخ