التاجر :
وعلى هذا فقد ذهبت تلك الليالي والأيام التي كانت فيها الحديقة مرتعا للحسان، وملعبا للقيان، ولطالما دخلت هنا وحيدا فريدا فما أكاد أنصب الحبالة، وأضع الحب حتى أقتنص من آرامها مثنى وثلاث ورباع.
العمدة :
يعلم الله أن العاصمة أصبحت على حال لا تصح معها الإقامة إلا مدة قضاء الحاجة والرجوع إلى البلد فورا، وإلا فقد عرض الواحد منا دراهمه للضياع وصدره للانقباض، وإلى الآن تراني في غاية الأسف والحزن على ما جرى لي أمس في سهرتي مع فلان الموظف؛ إذ جرني للنزهة معه فطاوعته على هواه أملا في إنجاز حاجتي عنده فسحبني من مكان إلى مكان، ومن حان إلى حان يشرب هو وأصحابه على حسابي، وكأنما أجوافهم دنان متخرقة فلا تمتلئ أبدا من الخمر، وكأنما كيسي كنز لا يفنى بالإنفاق، وما كدنا ننتهي من حانات الخمر حتى اندفعوا إلى بيوت القمار، فأصبحت مصدع الرأس من الخمر، فارغ الكيس من القمر.
التاجر :
ولم تطاوعه على أغراضه وتنقاد مع أصحابه، وتنفق مثل هذا الإنفاق من غير حظ ولا لذة؟ وإن كانت لك حاجة ترجو قضاءها منه كما تزعم فيكفي في ذلك أن تضع «المبلغ المناسب» في يده، وتتخلص منه ومن أصحابه فلا تسايرهم، ولا تعرض نفسك للتورط معهم كما فعلت.
العمدة :
يحق لك أن تعترض وتلوم فقد أراحكم الله معاشر التجار في المدن من متاعبنا ومصائبنا مع الحكام؛ فإن أشغالكم لا تتعلق بهم كما تتعلق أشغال الفلاحة في الأرياف ، فنحن في اضطرار دائم إلى استرضائهم «والمبلغ المناسب»، الذي تقول عنه لا يكفي وحده في قضاء الحاجة، بل يلزم الإنفاق عليهم في كل زمان ومكان علاوة على تلك المبالغ، وإن لم يكن لك عندهم حاجة في الحال، وكم من كلمة واحدة من موظف صغير كانت سببا في تعطيل عمل كبير، وما يدريك أن الذي تغضي عنه الليلة ولا تلتفت بنظرك إليه في حانات الأزبكية يصبح غدا قاضيا في المحكمة أو حاكما في المديرية؟
الخليع (مقاطعا) :
إذا كانت الليلة الماضية قد انقضت على غير هواك، فلنا عنها عوض من ليلتنا هذه إن شاء الله.
ناپیژندل شوی مخ