يرى قائم من دونها ما وراءها
يهون علي أن ترد جراحها
عيون الأواسي إذ حمدت بلاءها
وتذكو شعلة الحرب فلا تنطفئ نارها، ولا يخمد أوارها، إلا وقد غادرت النساء أيامى، والأطفال يتامى، والأموال نهبا منهوبا، والأعلاق سلبا مسلوبا، والمدائن خالية خاوية، والقصور بائدة بالية، والحرب ينخذل فيها القوي لأوهى سبب، وينتصر الضعيف من حيث لا يحتسب، فكم دالت بها الدول، ودارت الدوائر، وانثلت العروش، وسقطت الممالك، بعد لواء العز المعقود، وبساط المجد الممدود، وبعد ذلك التناهي في العظموت، والتمادي في الجبروت، وبعد أن لم يكن يدور في الوهم سقوطها، ويخطر في الخيال هبوطها، كل ذلك يكون أسرع من لمح البصر، إذا نزل القضاء وحم القدر، وكل ملك مهما امتد ظله زائل، وعند التناهي يقصر المتطاول.
ثم أدخل به في مطالعتنا إلى حلقة حكيم واعظ يسلب الألباب بقوة بيانه، ويخلب العقول بضوء برهانه، ويسترق النفوس بطلاقة لسانه، ويقول في حقارة الغنى وهوانه: «أيها الناس والله لدنياكم هذه أهون عندي من عراق
9
كلب في يد مجذوم». «والمخير بين أن يستغني عن الدنيا وبين أن يستغني بالدنيا كالمخير بين أن يكون مالكا أو مملوكا».
من سره أن لا يرى ما يسوءه
فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا «والحياة الطيبة هي حياة الغنى، والغنى هو القنوع؛ لأنه إذا كان الغنى عدم الحاجة إلى الناس فأغنى الناس أقلهم حاجة إلى الناس، ولذلك كان الله تعالى أغنى الأغنياء:
غنى النفس ما يكفيك من سد خلة
ناپیژندل شوی مخ