123

حديث عيسى بن هشام

حديث عيسى بن هشام

ژانرونه

يجد مرا به الماء الزلالا

وكنت كلما زدته من هذه الموعظة والحكمة، أراه قد زاد في الإعراض عن شكر تلك النعمة، فتحققت أن المرء إنما يذكر النعيم في البؤس ولا يذكر البؤس في النعيم، وينسى المرض في الصحة ولا يذكر الصحة إلا وهو سقيم، وقل من يحمد النعماء في لبسها، ويدرك سعادة الحياة إلا في نحسها، فهذا معنى من معاني الآية الشريفة:

وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ، فسألته عما دهاه وأذهله عن شكر الله، فأجابني يقول، في حال الخبل والذهول:

الباشا :

فيم الهناء بكشف البلاء والضرر، وما انتقلت من خطر إلا إلى خطر؟

فإن أسلم فما أبقى ولكن

سلمت من الحمام إلى الحمام

ألم تسمع معي بخبر انتشار الوباء في مصر بعد أن خلفنا الطاعون في الإسكندرية، فما هذه الرزايا المتساقطة، وما هذه البلايا المتلاحقة، أوكلما انتهينا من بلاء دخلنا في بلاء، وانصرفنا من شقاء إلى شقاء؟!

عيسى بن هشام :

أراك لا تزال كأمثالك من سائر الناس، يغلب عليك الفزع والوسواس، وإن كنت جربت في هذه الحياة شدة الألم وذقت في القبر راحة العدم، وأن ما كنت تتمناه على دهرك من الرجوع إلى قبرك، عند اشتداد الكروب، من وقع الخطوب، لم يكن لشجاعة في النفس، تستهين بسكنى الرمس، بل كان لضعفك عن احتمال الآلام، من نوازل الأيام، وأراك لا تزال مع صحة الدين، وقوة اليقين، ترهب الموت وتخشاه، وتعتورك الأهوال من ذكراه، وهذا داء في الناس قديم، عز شفاؤه على كل مرشد وحكيم:

ناپیژندل شوی مخ