أحد الكتبة الظرفاء (منكتا) :
لا، بل بالخيل والأنعام.
صاحب القضية :
أرجو سيدي أن يعطيني «الإعلام».
السيد :
اذهب حتى يأتي الغلام.
الكاتب الظريف (موريا) :
عليك به في شارع أم الغلام، تجده جالسا نصا تحت الأعلام.
قال عيسى بن هشام: وعافت نفسي هذه النكت الباردة والمعاني الساقطة، فأعرضت عن الإصغاء، وسرحت طرفي في بقية الأنحاء، فرأيت الكتبة كلهم يتفاكهون ويتسامرون، هذا يلت في يده أفيونه، وذاك يكور بين أصابعه معجونه، والغلمان يشتغلون تارة بأوراقهم، وطورا يتباحثون في أذواقهم، وأرباب الحاجات بين أيديهم يقاسون سوء الرد، ومطل الوعد، وسمعت أحد الكتبة يخاطب صاحب قضية، بألفاظ بذية، ويقول له: «كيف تعطي الغلام هذا المبلغ الزهيد؟ أتظنه كان لك من العبيد؟ أتريد أن يكتب لك ويتعب، (وهو لا أجرة له في المحكمة ولا مرتب)
بغير ربح ولا مكسب؟ إن هذا لمن أعجب العجب!» وجاء رسول القاضي يطلب أحد الكتبة الرؤساء فوجده راقدا كالنفساء، فبعضهم أشار بتنبيهه من غفلته، وقال بعضهم: لا بل اتركوه في رقدته، أنسيتم حكم عادته، بأنه لا يفيق من غفوته، قبل أن يسيل الأفيون مع الدم في دورته، ثم اتفق معهم الرسول، على أن يرجع فيقول: «إنني لم أجد الشيخ مكانه، وعلمت أنه نزل إلى الدفترخانه»، ثم استيقظ الراقد بعد مدة فتثاءب وتمطى، ثم تدثر وتغطى، ثم عاد إلى ما كان فيه من السبات، وهو ينشد للمعري من أبيات:
ناپیژندل شوی مخ