المشير (وقد تملكه الخوف) :
وهل يشك صاحب الجلالة في إخلاص عبده هذا؟ وأشار إلى نفسه.
الملك :
لم أردك في قولي هذا، ولم أقصد أي شخص بعينه، ما دمت في سحب الغموض، لا أستطيع أن أتثبت من الجرم فأتهم، إن الجرم واقع والعرش أصبح في خطر، ولا أدري من المجرم لأنقذ المملكة والعرش من إجرامه، من هم أولئك الانتهازيون الذين لا يهمهم إلا الوصول ليشبعوا جوع أطماعهم؟ من هم أولئك الخونة؟ وهم لا يتورعون عن الاتصال بعدو المملكة، يتآمرون على العرش؛ ليرووا ظمأ تعلقهم بالمناصب والمظاهر ، من هم أولئك المنافقون الذين يظهرون الإخلاص لملكهم، وهم لا يعملون إلا للإثراء والترف على حساب إفقار الشعب، وتعريض العرش للخطر؟ إنهم أبناء الحرام، ليسوا من هذه الأمة وإن حشروا بين أبنائها، وليسوا من أصلاب آبائهم وإن نسبوا إلى أولئك الآباء؛ لأنهم لا يفكرون بصالح الأمة ولا بكرامة الآباء والأجداد، تغريهم الأوهام، وينفخهم ما هم عليه من ادعاء وغرور، إلى متى نخدع بهم ولا نجد وسيلة الاهتداء إليهم لننقذ الأمة من شرورهم؟ قل لي: ماذا فعلتم أنت وأعوانك؟ وما هي الأدلة التي تثبت الجريمة؟ قل لي قبل أن يسبقنا الزمن، فأضطر في تصرفي لأن أنقم من أبرياء، وأقرب مجرمين يحسنون الخداع والتدليس والشعوذة، فننهار جميعا، ونصبح في قبضة شداد، يذلنا ويستعبدنا وهو لا يرحم.
المشير :
مولاي، ليس اكتشاف هؤلاء بالأمر السهل، ما دام الشر كل الشر يكمن في حاشية صاحب الجلالة وفي أخصائه وموضع ثقته، وأكاد أصل، فليتكرم صاحب الجلالة بإمهالي بعض الوقت، أو فليصرفني من عملي إذا أمر.
الملك :
أراك مللت العمل، وما تعودت أن أسمع منك ما أسمع.
المشير :
مولاي، أفتسمحون لي أن أكون صريحا وعلي الأمان؟
ناپیژندل شوی مخ