وإذا ما حل وقت المساء قام بالواجبات الدينية، وتعشى وتلهى بضروب اللهو من غناء ورقص وموسيقى إلى أن يأوي إلى حريمه.
والبرهمية هي دين مدينة أوجين الرسمي على حسب ما جاء في رواية «مركبة الصلصال»، والبدهية، وإن وجدت حينئذ، لم تكن غير مذهب الرهبان السائلين، أي كانت في دور الأفول، وفي هذا دليل على أن تلك الرواية ليست من القدم في الدرجة التي افترضت لها، أي إنها وضعت حوالي القرنين السابع والثامن بعد الميلاد، ويلوح، مع ذلك، أن التسامح بين تينك الديانتين كان تاما.
على أننا لا نضطر إلى أي كتاب لتعرف دين الهند حوالي القرن العاشر من الميلاد ما دامت معابد ذلك الزمن تخبرنا ذلك بوضوح، فالبدهية كانت آفلة وكانت البرهمية قائمة في محلها، وأضحى السلطان للآلهة التي كانت ثانوية في العصر البرهمي الأول كشيوا ووشنو، فاقتسمت هذه الآلهة المعابد، وتنافس آلهة البرهمية، مع ذلك، آلهة المذهب الجيني القريب من البدهية والذي مثل، على ما يظهر، دورا مهما في القرن العاشر كما تنطق به فخامة معابده، وهذا مع القول إن المذاهب الثلاثة، الجيني والشيوي والوشني، كانت على وئام وكانت متساوية في المرتبة لما تدل عليه أطلال كهجورا من تماثل معابد هذه المذاهب الثلاثة التي أنشئ بعضها بجانب بعض كالكنائس التي أقيمت في أوروبا تمجيدا لضروب القديسين.
شكل 4-4: إيلورا. دقائق قسم من نقوش معبد كيلاسا.
ولا نسهب الكلام في الدين الهندوسي في القرن العاشر من الميلاد، فبلغ هذا الدين من مشابهة دين الهند الحاضر ما لا نرى معه فصله عنه، فنحيل القارئ، إذن، على الفصل الذي خصصته في قسم آخر من هذا الكتاب للبحث في دين الهند الحاضر.
وإننا بعد أن ألقينا نظرة خاطفة على النواحي الخارجية من الحضارة الهندوسية القديمة التي دام أمرها بين القرنين الثامن والثاني عشر بعد الميلاد نرى أن نبحث في نظام معظم الهند الآرية السياسي في ذلك العصر فنستند، كما قلنا آنفا، إلى دستور الممالك التي حافظت وحدها على نظامها القديم، أي إلى ممالك راجبوتانا. (3) نظام ممالك الهند الآرية السياسي والاجتماعي حوالي القرن العاشر من الميلاد
تغشى صحراء تهار النصف الغربي من المنطقة الواقعة بين السند وجزيرة كاتهياوار وجمبل والغنج والمسماة راجبوتانا، وتغشى النصف الشرقي منها التلال الجديبة الكثيرة الآجام البالغة أقصى علوها بسلسلة جبال أراولي، ففي منطقة راجبوتانا الجبلية هذه يقطن من افترضوا أنهم حفدة الأكشترية الآريون الذين يعرفون بالراجبوت أو أبناء الملوك فلا يزالون محافظين على استقلالهم تقريبا.
ويتألف من الراجبوت أجمل عروق الهند وأصفاها على الأرجح، والراجبوت هؤلاء أهل لأن يقاسوا بفرسان القرون الوسطى الذين غادروا أوروبا؛ ليستولوا على القبر المقدس، وذلك لما اتصفوا به من طول القامات وانسجام الملامح ووضاءة البشرة وشمم الأنوف وحسن البزة ومضاء السلاح.
ويذكرنا ما يزين به الراجبوت جيادهم من الجهاز الفاخر وما ينشرونه من البنود في ميادين القتال وما يتخذونه من رموز الأسر بعاداتنا الإقطاعية وبطبقة الأشراف عندنا، ولذا يسهل علينا أن ندرك السر في اعتقاد الأوربيين الذين درسوا نظام راجبوتانا سابقا اشتمال هذا النظام على صورة قروننا الوسطى الإقطاعية غافلين عن الفروق العميقة التي تفصله عن نظامنا الإقطاعي القديم.
ولا تقتصر أوجه الشبه الظاهرة بين نظام راجبوتانا ونظامنا الإقطاعي على ما ذكرناه، فالراجه الراجبوتي يسكن حصنا ويسوس ما يملك من هذا الحصن كما كان يصنع الدوكات والكونتات والبارونات في أوروبا.
ناپیژندل شوی مخ