وأقدم هذه الآثار الأعمدة التي نقش أشوكا عليها مراسيمه قبل الميلاد ب 250 سنة، ثم يليها في القدم نقوش المباني العظيمة كبهارت وسانجي وغيرهما من التي أقيمت في القرن الأول من الميلاد أو قبله بقرنين أو أكثر، فمن ينعم النظر فيها يظفر بفوائد كبيرة عن طبائع الشعوب التي أقامتها وعاداتها ومعتقداتها وفنونها ويعلم درجة تمدنها.
وإلى تلك الآثار التي لا يكاد أقدمها يرجع إلى ما قبل ثلاثة قرون قبل الميلاد تضاف المعابد المصنوعة تحت الأرض والتماثيل والنقود التي تلقي ضوءا على تاريخ البقعة التي أنشئت فيها، ومن ذلك أن كشفنا من بقايا التماثيل والمباني تأثير الإغريق العميق في بعض المناطق بعد الإسكندر بعدة قرون، أي بعد طرد الإغريق من الهند بزمن طويل، ومن ذلك أن نقوش المعابد تكشف لنا عن منشأ ما انتاب الهند القديمة من المعتقدات وتطور هذه المعتقدات.
وللدين أثر بالغ في الهندوس على الدوام كما في أمم الشرق، وبلغ الدين من الشأن العظيم في الهند ما نقدر أن نتخذ به تطورات المعتقدات أساسا لتقسيم تاريخي.
ويشتمل ذلك التقسيم الواسع، الذي لم تحدد فيه الأدوار لتداخلها أو لوجودها معا، على الأعصر الآتية: العصر الويدي، العصر البرهمي، العصر البدهي، العصر البرهمي الحديث أو عصر النهضة البرهمية، العصر الإسلامي، العصر الأوربي. (2) العصر الويدي
ترجع أوائل العصر الويدي إلى ما قبل القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وآيتها غزو الآريين للهند.
ويعد العصر الويدي عصر تاريخ الهند الخرافي، فكل ما نعرفه عنه من علم قليل هو ما تكشف عنه الكتب الدينية المعروف بالويدا، والتي أصيب في تسمية أهمها رغ ويدا بتوراة آريي شمال الهند الغربي.
عاش قدماء الآريين الذين استوطنوا ما بين جبال همالية وجبال وندهيا في البداءة رعاة أعرابا، ومن المفروض أن قاموا بغزوهم شيئا فشيئا، ويظهر أن أقدم كتبهم وضع قبل الميلاد بخمسة عشر قرنا حين كانوا لا يعرفون نظام الطوائف وحين كانوا يعبدون قوى الطبيعة غير مقيمين لها معبدا ولا هيكلا، وإلى الشعوب التي ملكوها جلبوا لغة وديانة جديدتين ولم يأتوها بفن عمارة، فهؤلاء الآريون الفطريون، وإن كانوا قادرين على وضع الكتب، لم يكونوا عارفين بشيد المباني الحجرية، ولا شيء يدل في أقدم كتبهم على أنهم أنشئوا معابد وقصورا.
وسنعود إلى العصر الويدي في الفصل الذي خصصناه لدرس الحضارة الآرية بالهند، فلا نرى أن نسهب في بيانه الآن كما أننا لا نسهب في بيان العصر البرهمي الذي ختم به ذلك العصر فنعود إلى دراسة حضارته، وهذا إلى أن وثائق هذين العصرين التاريخية الصحيحة مفقودة، وما انتهى إلينا من قصائد العصر البرهمي التي أيدتها أحدوثة ميغاستين يثبت أن الهند أخذت في العصر البرهمي تغطى بالمدن والمعابد والقصور، وإن لم يصل إلينا أي طلل لمبانيه. (3) العصر البدهي
يرجع ظهور البدهية في الهند إلى الأساطير أكثر مما إلى التاريخ، فلا نعرف عن عصرها الأول غير ما ورد في الكتب البدهية من الأحاديث الخيالية، ثم أخذ صريح الحوادث يبدو والإبهام ينجلي بعد مغازي الإسكندر، ولا سيما حين أضحت البدهية دينا رسميا قبل المسيح بنحو 250 سنة، ثم عاد الغموض بعد زمن قليل مع الأسف، وبقي على ما كان عليه عدة قرون.
وقع غزو الإسكندر في سنة 327 قبل الميلاد، فلما أتم الإسكندر فتح بلاد فارس عزم على فتح الهند لكي يصبح سيد آسيا.
ناپیژندل شوی مخ