1
جامعا لشتى الأصنام كالألنپيا الإغريقية الرومانية.
شكل 3-2: أعرابيات من بادية الشام (من صورة فوتوغرافية).
وتدل كتابات الآشوريين التي رسمت قبل ظهور المسيح بسبعمائة سنة أو ثمانمائة سنة، وما اكتشف في الصفا، على أن العرب كانوا مشركين، وأنهم كانوا يقيمون لآلهتهم تماثيل، وإليك، مثلا ، ما جاء في إحدى الكتابات الآشورية التي تشير إلى عودة أسرحدون من غزوه لجزيرة العرب الصحراوية:
أتى الملك العربي فلان إلى عاصمتي نينوى ومعه هدايا كثيرة، وقبل قدمي طالبا أن أعيد إليه تماثيل آلهته، فرق له قلبي، وأعدتها إليه بعد أن أمرت بإصلاحها ونقش تمجيد ربي آشور عليها وتوقيعها، وجعلت الأميرة العربية طبوة التي نشأت في بلاطي ملكة، وأعدتها إلى بلادها مع آلهتها.
ووجد في ثنايا تلك العبادات المختلفة بذور توحيد مما تعهد محمد إنماءه فيما بعد، وقد بنى إبراهيم الكعبة في جزيرة العرب كما روى العرب، وجعل العرب منها موضع تكريم وحج منذ القديم، وكان فيها حين ظهور محمد 360 صنما وصورة، وكانت صورة المسيح ومريم العذراء من هذه الصور - كما جاء في تواريخ العرب - وكان من دواعي الفخر عند العرب تزيين الكعبة التي كان اليهود شديدي التعظيم لها أيضا، وكانت سدانتها بيد قبيلة قريش التي نالت بذلك نوعا من السيادة الدينية بين العرب.
شكل 3-3: جمالان من بلاد الحجر العربية (بطرا).
ووجد بين العرب، فضلا عن النصارى واليهود الذين لم يكن عددهم قليلا في جزيرة العرب، من يعبدون إلها واحدا، وسمي هؤلاء بالحنفاء، وكان محمد يحب هذا الاسم، وليست عقيدة التوحيد، التي هي من أهم مبادئ القرآن، كل ما عند الحنفاء، بل قالوا أيضا، كما قال القرآن فيما بعد، إن على الإنسان أن يسلم بقضاء الله وقدره تسليم إبراهيم حينما رأى ذبح ابنه إسحق، ولذا لم يكن من الخطأ إخبار محمد في القرآن بوجود مسلمين قبل ظهوره.
ونشأ عن وحدة لغة العرب وحشر آلهتهم في الكعبة إمكان صهر عبادات هذه الآلهة وتحويلها إلى عبادة إله واحد، ومما يسر هذا الصهر تكلم عباد هذه الآلهة الكثيرة بلغة واحدة.
والحق أن وقت جمع العرب على دين واحد كان قد حل، وهذا ما عرفه محمد، وفي الوجه الذي عرفه فيه سر قوته، وهو الذي لم يفكر قط في إقامة دين جديد خلافا لما يقال أحيانا، وهو الذي أنبأ الناس بأن الإله الواحد هو إله باني الكعبة، أي إله إبراهيم الذي كان العرب يجلونه ويعظمونه.
ناپیژندل شوی مخ