ويستعملن بعر الجمال وقودا.
وتكون خيمة الرئيس في الوسط، وتليها خيام أبنائه المتزوجين، فخيام الأقرباء، فخيام الخدم، وتكون الأفراس أمام الخيام؛ لتكون حاضرة عند أول إشارة، ثم تليها حظيرة البقر والإبل والضأن والمعز.
وتصف الجمال، في الغالب، حول خيمة الحرس على شكل دائرة، وتنصب خيام الأرصاد الصغيرة بعيدة من المخيم قليلا للرقابة ليلا.
وتكون تلك الخيام قليلة الارتفاع، ولا يستطيع المرء أن ينتصب في غير وسطها، وتظهر مربعة الشكل، ولا تكون مدورة مطلقا، ويمكن إغلاقها من كل جانب، وإن كان شمالها يترك مفتوحا لدخول النسيم، وتصنع تلك الخيام من المرعز والوبر، وينحدر عنها ماء المطر من غير أن ينفذ منها، ولا تؤثر فيها العواصف والرياح والشمس.
وأضيف إلى ما تقدم ما تشتمل عليه تلك الخيام من متاع بسيط ملائم للحياة البدوية، فكل خيمة تحتوي على أسلحة ورمح طوله ثلاثة أمتار أو أربعة أمتار ولوح حديدي للخبز وقدر للطبخ وإبريق للقهوة ومهراس لها ودلو وبضعة ثياب وما إلى ذلك، ولذلك ليس من العسير أن نعلم أن أناسا ذوي احتياجات ضئيلة، كأهل البدو، لم يعرفوا سادة لهم قط. (3) حياة أهل الأرياف من العرب (3-1) الحياة الاجتماعية
يسكن جزيرة العرب وما جاورها من البقاع، في كل زمن أناس يعتمدون في معايشهم على الزراعة، ويسكنون الأرياف البعيدة من المدن، ويخضعون، دائما، لأحكام بيئة واحدة مشتملة على طبقة ضيقة من التقاليد والعادات، ولا يعانون شيئا من التحول المهم غير ما يتحول به دينهم ، وأولئك هم الذين يجب البحث في أحوالهم للوقوف على بعض ما جاء في القرآن من النظم.
وإنني أتخذ، من مختلف السكان، عرب حوران مثالا للبحث، وتقرب من بادية الشام بلاد عرب حوران الذين هم من أنصاف المستقلين، والذين أجاد مسيو لوپليه درس شؤونهم في كتابه الممتع عن عمال الشرق، فنرى من المفيد أن نبحث في أحوالهم لنتمثل كيف يعيش السكان الذين تختلف طبائعهم عن طبائع جيرانهم من أهل الحضر وأهل البدو، ولنعلم ما نشأ عن هذا الجوار من النظم.
يعد أهل حوران الذين أدرس حياتهم الاجتماعية من العرق العربي وإن لم يقيموا بجزيرة العرب، فقد كان يسكن حوران بعد ظهور المسيح بزمن قصير قبائل عربية (من القحطانيين على رأي فتزشتاين) كانت قد هاجرت من جنوب جزيرة العرب وأقامت دولة السليحيين ثم دولة الغساسنة التي كانت تحت رعاية الرومان، ونصب، فليب، الذي هو من عرب حوران، قيصرا رومانيا في سنة 244م، وليس بمجهول أن عاشت دولة الغساسنة خمسمائة سنة، ولم تنقرض إلا باستيلاء خلفاء محمد علي أملاكها، ويعود إلى الغساسنة فضل إقامة الآثار العظيمة التي لا تزال ماثلة في بلاد حوران، ولا سيما في عاصمتها القديمة بصرى، ولا تزال ترى هنالك كتابات بالخط الحميري الذي سمي باسم لغة بعض القبائل القديمة في جزيرة العرب.
ويتألف عرب حوران المجاورون لبصرى من أعراب وحضريين، فأما الأعراب: فلا يظهرون في حوران إلا صيفا، ويرحلون في الشتاء إلى العراق أو إلى وادي الأردن، أما الحضريون: فهم جمع من الزمر التي تجمع بينها صلة القرابة، فتخضع لرئيس أسرة خضوعا تشابه به نظام القبيلة الفطري كما يرى.
وجميع تلك الزمر من الزمر الزراعية، وهي إذ كانت قليلة الأهلين بالنسبة إلى اتساع الأرضين الصالحة للفلاحة لا تحرث كل واحدة منها سوى قسم.
ناپیژندل شوی مخ