181

د عرب حضارت

حضارة العرب

ژانرونه

وكانت تلك النوبة تزيد حدة كل يوم، ولم يرغب الذين بكروا في انتظار تأليف جيش منظم، وما كاد ربيع سنة 1096م يحل حتى توجهت عصابات كبيرة من كل صوب وحدب إلى نهر الدانوب.

وكانت الحركة شاملة ما بين بحر الشمال ونهر التيبر، وكانت تجرف سكان بعض القرى آخذين ما عندهم من الأموال، وكانت أوربة كلها تنقض على آسية.

وكلما اقتربت تلك العصابات من هدفها المأمول زادت جنونا، ودارت المعجزات والكرامات في أدمغتها المشتعلة التي طارت منها العقول إلى الأبد.

وكان بطرس الناسك والفارس الفقير غوتيه على رأس أهم العصابات الزاحفة إلى الشرق، وأكرمت هذه العصابات في البلدان الأوربية التي كانت تمر منها في بدء الأمر، ولكنها لم تكد تصل إلى بلغارية حتى التقت بأناس من ضعاف الإيمان أبوا أن يضيفوهم مجانا، وساء هذا الرفض الصليبيين، ولم يحجموا عن اغتصاب ما منعوه، وعن نهب قرى تلك البلاد وذبح أهليها، ولم يصبر الأهلون على ذلك فأخذوا ينتقمون ويقتلون فريقا كبيرا منهم أو يغرقونه، وجد الصليبيون في طلب النجاة بسرعة، وبلغوا القسطنطينية ناقصي العدد، ووجدوا فيها عصابات من التوتون والطلاينة والغسكون والغول والپروڨنسيين كانت قد سبقتهم إليها، وهنالك انضم هؤلاء إلى أولئك، وأخذوا يقتلون وينهبون، ويأتون ما يفوق الوصف من الأعمال الوحشية، ويعزم البزنطيون على التخلص منهم، وينقلونهم بالسفن إلى ما وراء البسفور.

وبلغ عدد من سيق من الصليبيين إلى آسية الصغرى على ذلك الوجه مائة ألف، واقترف هؤلاء من الجرائم نحو المسلمين والنصارى ما لا يصدر عن غير المجانين من الأعمال الوحشية، وكان من أحب ضروب اللهو إليهم قتل من يلاقون من الأطفال وتقطيعهم إربا إربا وشيهم كما روت آن كومنين بنت قيصر الروم.

وكان من حقوق الترك أن يقابلوهم بالمثل، ولذا صار الترك يتصيدونهم كما يتصيدون الحيوانات المفترسة مقيمين من عظامهم هرما عظيما.

ولم يلبث جيش الصليبيين الأول المؤلف من مئات الألوف أن أبيد، وإنما كانت تأتي من خلفه فيالق منظمة تامة العدة مؤلفة من سبعمائة ألف مقاتل بقيادة أقوى السنيورات، أي كان يأتي من الفيالق ما لم يسبق للعرب أن جمعوا جيشا لجبا مثله.

ومن هذه الفيالق نذكر الفيلق الذي كان يقوده دوك اللورين الدنيا، غودوفروا البويوني، والذي كان مؤلفا من ثمانين ألف مقاتل من سكان اللورين وباڨارية وسكسونية.

وحاصر الصليبيون مدينة إزنيق الواقعة في آسية الصغرى، وهزموا جيشا تركيا، وقطعوا رؤوس جرحى الترك وربطوها بسروج خيولهم وعادوا إلى معسكرهم، ثم رموها إلى تلك المدينة التي كانت محاصرة.

ولم يكن ذلك مما يرضي الأهلين، فسلم الأهلون - الذين علموا ماذا كان ينتظرهم - أمر أنفسهم إلى القيصر بالقسطنطينية، فاضطر حلفاؤه الصليبيون إلى القتال مرتدين.

ناپیژندل شوی مخ