100

د عرب حضارت

حضارة العرب

ژانرونه

كانت أمم البلاد التي استولى العرب عليها في آسية وإفريقية وأوربة وأقاموا عليها دولتهم العظمى متباينة أشد التباين حين الفتح العربي، فأنت، إذ كنت ترى بينها أمما من أنصاف البرابرة، كالتي في بعض أجزاء إفريقية، كنت ترى منها أمما بلغت الذروة من الحضارة اليونانية والحضارة اللاتينية كالتي في سورية.

إذن، كانت الأحوال التي صاقبت العرب مختلفة باختلاف الأماكن، وكان من الحق أن يجد الإنسان تفاوتا في درجات حضارتهم تبعا لتفاوت البيئات.

ذلك ما يتجلى لنا في تاريخ حضارة العرب كلما توغلنا في تفصيلاته، وتشتمل حضارة العرب التي دامت ثمانية قرون على درجات كثيرة خلافا لما ذهب إليه المؤرخون الذين تعودوا، حين البحث في حضارة العرب، أن ينظروا إليها من خلال أمة واحدة ودور واحد، وكان للعمارة والآداب والعلوم والفلسفة والدين درجات تطور مختلفة باختلاف الأقطار التي خضعت لسلطان العرب، ولم يمنع ذلك من أن يكون للعرب تراث مشترك من الناحية الدينية والناحية اللغوية ما دام الإسلام دينهم والعربية لغتهم، ولكن وحدة اللغة والدين لا تعني وحدة حضارة العرب في مختلف البلدان التي خضعت لشريعة محمد، كما أنك لا تستطيع أن تخلط حضارة الأمم النصرانية في القرون الوسطى بحضارتهم في عصر النهضة أو في الوقت الحاضر. (2) استقرار العرب بسورية

كان البلد الغني، سورية، قد أصبح رومانيا قبل الفتح العربي بنحو سبعة قرون، ويوجد ارتباك وغموض في أخبار المعارك الأولى التي أدت إلى فتح العرب لسورية، فأما مؤرخو العرب، وعلى رأسهم الواقدي الذي يرجع إليه على العموم، فإنهم مزجوا الحقائق بالخيال، فحط ذلك من قيمة قصصهم، فأنت إذا أنعمت النظر في روايات الواقدي رأيته يذكر، حين بحثه في وقائع العرب الحربية، بأبطال أوميرث مع رفع لقيمة المرأة في تلك الوقائع، وأما مؤرخو الروم فقد التزموا جانب الصمت عن فتح سورية الذي كان كله عارا على دولة بزنطة القوية.

شكل 1-1: أسوار دمشق (من صورة فوتوغرافية).

ومهما تكن دقائق الفتح العربي لسورية فإن سورية خضعت لحكم العرب بعد حرب سجال بين العرب والروم.

وفتح دمشق من أهم فتوح العرب في سورية، ولم تلبث دمشق الشهيرة أن أصبحت في العهد الأموي عاصمة الدولة العربية بدلا من المدينة.

وتم فتح دمشق يوم وفاة الخليفة الأول أبي بكر في السنة الثالثة عشرة من الهجرة (634م)، وصرخ هرقل حين أتاه خبر سقوط دمشق قائلا: «وداعا يا سورية!»

حقا لقد خسر الروم سورية، فقد استولى العرب بعد معركة اليرموك الشهيرة، التي دامت ثلاثة أيام وانتهت بانتصار العرب، على جميع مدن سورية، وفتحوا عنوة تدمر وبعلبك وأنطاكية وطبرية ونابلس والقدس وطرابلس وغيرها، وأكره القيصر على مغادرة سورية إلى الأبد بعد أن ملكها أسلافه منذ سبعة قرون.

وكان لفتح القدس دوي عظيم بين المدن التي استولى عليها المسلمون، وكان المسلمون يعلقون أهمية كبيرة على فتح هذه المدينة التي كانوا يقدسونها تقديس النصارى لها، ففيها توفي المسيح الذي هو عند المسلمين من أعاظم الأنبياء، وفيها الصخرة الشهيرة التي عرج منها محمد في السماء.

ناپیژندل شوی مخ