عنه، وقد سمّاه الله: جيش العسرة، وحلفوا له بالكذب، فقبل عذرهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى، ففضحهم الله تعالى بما أنزله في سورة براءة، كقوله: وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ. فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ. فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ [سورة التّوبة ٩/ ٧٥- ٧٧] وغير ذلك، فسمّيت الفاضحة.
وأمّا الثّلاثة الّذين خلّفوا وصدقوه، واعترفوا بأنّهم لا عذر لهم فخلّف أمرهم إلى قضاء الله تعالى فيهم، وهم: كعب بن مالك، وهلال بن أميّة، ومرارة- بالضّم- ابن الرّبيع، فتاب الله عليهم، فسمّيت سورة التّوبة.
وفيها-[أي: السّنة التّاسعة]- في رجب: نعى لهم النّبيّ ﷺ النّجاشيّ «١»، وصلّى عليه في المصلّى جماعة.
وفي خاتمة هذه السّنة: [أي: السّنة التّاسعة]- أمر النّبيّ ﷺ أبا بكر ﵁ أن يحجّ بالنّاس، فسار بهم، ثمّ بعث بعده عليّا ﵁ ليبرأ من المشركين بصدر سورة براءة يوم الحجّ الأكبر، فنبذ إلى كلّ مشرك عهده.
وفي السّنة العاشرة: حجّ ﷺ حجّة الوداع، وحجّ بأزواجه كلّهنّ، وبخلق كثير، فحضرها من الصّحابة أربعون ألفا ﵃، فودّع [ﷺ] النّاس وحذّرهم وأنذرهم، وقال: «إنّ الله حرّم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم، كحرمة يومكم هذا، في
_________
(١) واسمه: أصحمة.
1 / 77