38

Guidelines for the Best Way to Make Friends

دلائل التوفيق لأصح طريق لجمع الصديق

ژانرونه

ذلك لأن زيدًا- ﵁ قيل- أنه شهد العرضة الأخيرة بين يدي النبي ﷺ والتي بيَّنَ لهم فيها ما نُسِخ من القرآن وما استقر بقاؤه، فأمَر- ﷺ بإبقاء الناسخ وتركِ المنسوخ، وقرأ-ﷺ القرآن على الحالة التي استقر عليها على زيدٍ، فكان- ﵁ يؤمُّ الناس به حتى وفاته ﷺ. ولاشك أن تلك ميزة تميز بها زيدٌ لم تجتمع لأحد من الصحابة- ﵃ سواه، إلا ما كان من ابن مسعود ﵁. ولقد روى البَغَويُّ (ت: ٥١٦ هـ) عن أبي عبدالرحمن عبد الله بن حبيب السُّلَمِي (ت: ٧٤ هـ) أنه قال: قرأ زيد بن ثابت على رسول الله- ﷺ في العام الذي توفاه الله فيه مرتين … إلى أن قال عن زيد بن ثابت أنه: " شهد العرضة الأخيرة، وكان يُقرئ الناس بها حتى مات، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه، وولاه عثمان كَتبة المصاحف- ﵃ أجمعين - ". (^١). "وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت، لأنه كتبها لرسول الله- ﷺ وقرأها عليه، وشهد العرضة الأخيرة ". (^٢) ٦ - تحليه بالتقوى وتعظيم شعائر الله. ويؤخذ ذلك أيضًا من قوله- ﵁ لأبي بكر وعمر ﵄: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟! قال ابن بطال-﵀: " إنما نفر أبو بكر أولًا، ثم زيد بن ثابت ثانيًا، لأنهما لم يجدا رسول الله- ﷺ فعله، فكرها أن يحلا أنفسهما محل من يزيد احتياطه للدين على احتياط الرسول- ﷺ". (^٣). ولا شك أن ذلك من شواهد تقوى الله- تعالى- وتعظيم شعائره. ٧ - جُرأته في الحق، ويتبين ذلك من قوله لأبي بكر وعمر- ﵄: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟!، فلم يمنعه قول ذلك لأكبر رأسين في الأمة لمَّا ظنَّ أنهما على غير صواب، وهذا من أبين المقومات التي تؤهله للقيام بهذه المهمة الجسيمة بلا مجاملة ولا محابة لأحد أبدًا. ٨ - حرصه على الاتباع وخشيته من الابتداع وحرصه على لزوم حدوده الله، ويؤخذ ذلك من رفضه القيام بالمهمة أول الأمر وتردده في قبولها، فما لبث أن شرح الله صدره لما شرح له صدر أبي بكر وعمر- ﵃ أجمعين-. ٩ - تحمله للمسؤولية ومعرفة ضخامة المهمة وعظم شأنها وجليل قدرها، ويتبين ذلك من قوله- ﵁: " فَوَ اللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ ". المبحث الرابع: الدواعي لهذا الجمع أولًا: بيان تلك الدواعي بإيجاز كان السبب في جمع القرآن الكريم في زمن أبي بكر الصدّيق ﵁ خوفُ الصحابة ﵃ من ضياع شيءٍ منه، خاصّةً بعد استشهاد كثيرٍ من حَفَظة القرآن، فكان الأفضل أن يُجمَع في موضعٍ واحدٍ؛ لِما في ذلك من أمانٍ، وحِفاظٍ عليه؛ خوفًا ممّا قد

(^١) - شرح السنة: البغوي ج ٤ ص: ٥٢٥ - ٥٢٦، والبرهان للزركشي، ج ١ ص: ٢٣٧، والإتقان للسيوطي ج ١، ص ٥٩. سبق بيان عدم ثبوت شهود زيد للعرضة الأخيرة بأدلة ثابتة صحيحة ..، ولذا يُذكر ذلك بصيغة التمريض، كما ذكرها البغوي. الباحث. (^٢) -المرشد الوجيز ص ٩٦. المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز المؤلف: أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة (المتوفى: ٦٦٥ هـ) المحقق: طيار آلتي قولاج، الناشر: دار صادر - بيروت سنة النشر: ١٣٩٥ هـ - ١٩٧٥ م عدد الأجزاء: ١ (^٣) - فتح الباري: (٩/ ١١).

67 / 134