258

Guide for the Preacher to the Evidence of Sermons

دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ

ژانرونه

نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (النساء:١١٤) إن كثيرًا من الناس الذين يتسارون ويتناجون ليس في نجواهم خير إلا من قام بالتناجي في الخير وإصلاح ذات البين، فإن هذا مأجور ونجواه مأجورٌ عليها، وقد قال الله تعالى في أجر المصلح بين الناس: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (النساء:١١٤) أي ثوابا جزيلًا كثيرًا واسعًا.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﵌: «كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» (رواه البخاري ومسلم).
فالشاهد من الحديث قوله: «يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ» حينما قال بأن على كل مفصل في الجسم صدقة في كل يوم تطلع فيه الشمس، وذلك شكرًا لله ﷿ على نعمه التي لا تعدّ ولا تحصى.
فجعل الله طرق الخير متعددة وكثيرة من أجل كسب الحسنات بالأعمال الصالحة التي تُنال بها الدرجات الرفيعة. فمن الأشياء التي ذكرها الرسول من الصدقات التي يُزكّي بها الإنسان عن مفاصله وعظامه وجسمه كله، ويحمد بها ربّه لأداء كل عضو من أعضائه وظيفته، ذلك هو الإصلاح بين الاثنين والحكم بالعدل لا بالجور والظلم، وكان البدء به في أول الصدقات والحسنات وعمل الخيرات لأهميته.
• إصلاح ذات البين أعلى درجة من الصلاة والصيام والصدقة، وفساد ذات البين تحلق الدين:
وقد أخبر الرسول ﵌ أن إصلاح ذات البين أعلى درجة من الصلاة والصيام والصدقة. عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﵌: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟»
قَالُوا: «بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ».
قَالَ: «إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ، لَاأقُولُ إنَّها تحلِقُ الشَّعْرَ ولَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ» (صحيح رواه الترمذي وأبو داود وابن حبان وأحمد).

1 / 278