Guide for the Preacher to the Evidence of Sermons
دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ
ژانرونه
وقوله ﷿: «لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ الْحَافًا» أي: لا يُلِحُّون في المسألة ويكلفون الناس ما لا يحتاجون إليه، فإن من سأل وله ما يغنيه عن السؤال، فقد ألحف في المسألة.
وعن معاوية بن أبي سفيان ﵄ قَالَ: قَالَ رسول الله ﵌: «لاَ تُلْحِفُوا في الْمَسْأَلَةِ، فَوَاللهِ لاَ يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا، فَتُخْرِجَ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئًا وَأنَا لَهُ كَارهٌ، فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أعْطَيْتُهُ» رواه مسلم. (وَالْإلْحَاف: الْالْحَاح).
وعن أَبي هريرة ﵁ عن النبي ﵌ قَالَ: «لَيْسَ الغِنَى عَن كَثرَةِ العَرَض، وَلكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ» (متفقٌ عَلَيْهِ). (العَرَضُ):هُوَ المَالُ.
وعن عبد الله بن عمرو ﵄:أنَّ رسول الله ﵌ قَالَ: «قَدْ أفْلَحَ مَنْ أسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وقَنَّعَهُ الله بِمَا آتَاهُ» (رواه مسلم).
النفسُ تْجزَعُ أنْ تكونَ فقيرةً ... والفقرُ خيرٌ مِنْ غِنًى يُطْغِيهَا
وغِنَى النفوسِ هو الكفافُ فإنْ أبَتْ فجميعُ ما في الأرضِ لا يكفِيهَا
وعن حكيم بن حزام ﵁، قَالَ: سألتُ رسول الله ﵌ فَأعْطَانِي، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا حَكِيم، إنَّ هَذَا المَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أخَذَهُ بإشرافِ نَفسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَاليَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى».
قَالَ حكيم: فقلتُ: يَا رسول الله، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لاَ أرْزَأُ أحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا.
فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ يَدْعُو حَكيمًا لِيُعْطِيَه العَطَاء، فَيَأبَى أنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ ﵁ دَعَاهُ لِيُعْطِيَه فَأَبَى أنْ يَقْبَلَهُ، فقالَ: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُشْهِدُكُمْ عَلَى حَكيمٍ أنّي أعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَهُ اللهُ لَهُ في هَذَا الفَيء فَيَأبَى أنْ يَأخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكيمٌ أحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النبي ﵌ حَتَّى تُوُفِّي». (متفقٌ عَلَيْهِ).
(يَرْزَأُ)؛ أيْ: لَمْ يَأخُذْ مِنْ أحَدٍ شَيْئًا، وَأصْلُ الرُّزءِ: النُّقْصَان، أيْ: لَمْ يَنقُص أحَدًا شَيْئًا بالأخذِ مِنْهُ، وَ(إشْرَافُ النَّفْسِ):تَطَلُّعُهَا وَطَمَعُهَا بالشَّيْء. وَ(سَخَاوَةُ النَّفْسِ):هِيَ
1 / 258