الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة

Sa'id bin Wahf al-Qahtani d. 1440 AH
138

الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة

الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة

خپرندوی

مطبعة سفير

د خپرونکي ځای

الرياض

ژانرونه

وهذا في غاية الرفق والحلم والرحمة، ويجمع ذلك كله الحكمة، فقد أنكر النبي ﷺ بالحكمة على هذا الأعرابي عمله، فقال له حينما قال: «اللَّهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا»: «لقد حجّرت واسعًا»، يريد ﷺ رحمة اللَّه، فإن رحمة اللَّه قد وسعت كل شيء، قال ﷿: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (١)، فقد بخل هذا الأعرابي برحمة اللَّه على خلقه. وقد أثنى اللَّه ﷿ من فعل خلاف ذلك حيث قال: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ﴾ (٢). وهذا الأعرابي قد دعا بخلاف ذلك، فأنكر عليه النبي ﷺ بالحكمة (٣). وحينما بال في المسجد أمر النبي ﷺ بتركه؛ لأنه قد شرع في المفسدة، فلو منع ذلك لزادت المفسدة، وقد حصل تلويث جزء من المسجد، فلو منعه ﷺ بعد ذلك لدار بين أمرين: ١ - إما أن يقطع عليه بوله فيتضرّر الأعرابي بحبس البول بعد خروجه. ٢ - وإما أن يقطعه فلا يأمن من تنجيس بدنه، أو ثوبه، أو مواضع أخرى من المسجد. فأمر النبي ﷺ بالكفّ عنه للمصلحة الراجحة، وهي دفع أعظم المفسدتين أو الضررين باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم

(١) سورة الأعراف، الآية: ١٥٦. (٢) سورة الحشر، الآية: ١٠. (٣) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٠/ ٤٣٩.

1 / 139