إدراك شأن الأفاضل من الصدور الأوائل، وقصوري عن الجري في ميادينهم، ونقص وزني عن أوزانهم- جمعت يسيرا من قصير حكمه وقليلا من خطير كلمه يخرس البلغا عن مساحلته، ويبلس الحكماء عن مشاكلته.
وما أنا في ذلك علم الله إلا كالمغترف من البحر، والمعترف بالتقصير، وان بالغ في وصفه، فكيف لا؟ وهو (عليه السلام) الشارب من ينبوع النبوي، والحاوي بين جنبيه العلم اللاهوتي؛ إذ يقول (كرم الله وجهه) وقوله الحق وكلامه الصدق، على ما أدته إلينا أئمة النقله: ان بين جنبي لعلما جما لو أصبت له حمله.
وقد جعلت أسانيده محذوفة، ورتبت على حروف المعجم، وجعلت ما توافق من أواخر حكمه وتطابق من خواتم كلمه مسجعا مقرنا، لكونه أوقع بسماع الأذان، وأوقر في القلوب والأذهان، لشدة ميل النفوس إلى منظوم الكلام، وكونها عن منثوره بأبعد مرام، ليسهل حفظه على قاريه، ويحلو لفظه للناظر فيه، والمقتبس من لآليه، مع إجتزالي أكثرها خشية من كلفه الطول، مكتفيا بما فيه الشفاء من الكرب والعناء لذوي العقول والأدب، وسميته غرر الحكم ودرر الكلم راجيا من الله سبحانه حسن الثواب، ومستعيذا به تعالى من كل عاب، وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه متاب.
مخ ۱۴