وأما معتزلة البصرة جوزوا تعريها من الأكوان وسائر الأعراض غير الأكوان إلا أن جملة المعتزلة وافقونا على أن الجوهر بعدما اتصف بالأعراض يستحيل خلوه عنها وإنما جوزوا ذلك في ابتداء الحدوث
فأما إذا أردنا الكلام مع الملحدة نفرض في الأكوان فنقول الجواهر القابلة للاجتماع والافتراق غير مجتمعة ولا متباينة لا يعقل
وأيضا فإنهم جوزوا الاجتماع والافتراق فيما لا يزال ولا يعقل اجتماع موجودين إلا عن افتراق سابق ولا افتراق موجودين إلا عن اجتماع سابق
وأما الرد على المعتزلة فيستدل على الكعبي بالألوان وسائر الأعراض فنقول
لو جاز تعري الجوهر عن الأكوان لجاز عن الألوان
ويستدل على معتزلة البصرة بالأكوان فنقول لما لم يجز تعري الجواهر عن الأكوان لا يجوز عن الألوان
ويستدل على الفريقين بمناقضتهم حيث قالوا بعد قبوله للأعراض لا يجوز خلوه عن الأعراض فنقول كل عرض اتصف به المحل لا ينتفي إلا عند طريان ضده ولا يزول البياض إلا عند طريان السواد ولا الحركة إلا عند طريان السكون
والضد إنما يطرى على زعمهم بعد انتقال لعرض الموجود الذي كان في المحل
فإذا زال العرض فهلا جاز أن لا يدخل فيه الضد لو كان تعرية جائزا في الابتداء ولما استحال ذلك في الإنتهاء فكذلك في الابتداء
مخ ۶۰