(فصل: في ذكر أقاويل شيوخ الطريقة في التوبة)
قال أبو علي الدقاق ﵀: التوبة على ثلاثة أقسام:
أولها: التوبة، وأوسطها: الإنابة، وآخرها: الأوبة.
فالتوبة بداية والإنابة واسطة والأوبة نهاية. فإن من تاب لخوف العقوبة كان صاحب توبة، ومن تاب طمعًا في الثواب أو رهبة من العقاب كان صاحب إنابة، ومن تاب مراعاة للأمر لا لرغبة في الثواب أو رهبة من العقاب كان صاحب أوبة.
وقيل أيضًا: التوبة: صفة المؤمنين، قال الله تعالى: ﴿وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون﴾ [ص: ٣٠، ٤٤].
وقال الجنيد رحمه الله تعالى: التوبة على ثلاثة معان:
الأول: يندم.
والثاني: يعزم على ترك المعاودة لما نهى الله عنه.
والثالث: يسعى في أداء المظالم.
وقال سهل بن عبد الله ﵀: التوبة وترك التسويف.
وقال الجنيد: سمعت الحارث يقول: ما قلت قط اللهم إني أسألك التوبة، ولكني أقول: أسألك شهوة التوبة.
وقال الجنيد: دخلت على السري ﵀ يومًا فرأيته متغيرًا، فقلت له: ما لك؟
فقال: دخل على شاب فسألني عن التوبة، فقلت له: إلا تنسى ذنبك، فعارضني وقال: بل التوبة أن تنسى ذنبك، فقلت: إن الأمر عندي على ما قاله الشاب، فقال: لم؟
قلت: لأني إذا كنت في حال الجفاء فنقلني إلى حال الوفاء، فذكر الجفاء في حال الصفاء جفاء، فسكت.
وقال سهل بن عبد الله ﵀: التوبة ألا تنسى ذنبك.
وقال الجنيد ﵀ حين سئل عن التوبة: هي أن تنسى ذنبك.
وتكلم أبو نصر السراج ﵀ في المقالتين فقال: أشار سهل إلى أحوال المريدين