غذاء الأرواح بالمحادثة والمزاح

Mar'i al-Karmi d. 1033 AH
52

غذاء الأرواح بالمحادثة والمزاح

غذاء الأرواح بالمحادثة والمزاح

خپرندوی

الجفان والجابي للطباعة والنشر دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

فَضَحِكَ المَنْصُور، وَقَالَ: إِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَجَابٍ، لِأَنِّي دَعَوْتُ اللهَ أَنْ لَا يُرِيني وَجْهَكَ فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي، وَقَدْ أَمَرْنَا لِّكَ بِعَشْرَةِ آلاف دِرْهَم، وَتَعَالَ مَتَى شِئْتَ، فَقَدْ أَعْيَتْنَا فِيكَ الحِيلَة. ١١٠ - وَحَكَى ابْنُ حَمْدُون في "تَذْكِرَتِهِ" (١) أَنَّ الْمَنْصُورَ حَجَّ فِي بَعْضِ السِّنِينَ فَحَدَا بِهِ سَالِمٌ الْحَادِي فِي طَرِيقِهِ يَوْمًا، يَقُولُ الشَّاعِرُ: أبيلج بِحَاجِبَيْهِ نُوره ... إِذَا تَغَدَّى رُفِعَتْ سُتُورُه يُزَيِّنُهُ حَيَاؤُهُ وَخَيْرُه ... وَمِسْكُهُ يَشُوبُهُ كَافُورُه فَطَرِبَ الْمَنْصُورُ حَتَّى ضَرَبَ بِرِجْلِهِ الْمَحْمَلَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِيع! أَعْطِهِ نِصْفَ دِرْهَمْ. فَقَالَ سَالِمٌ: لَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاللهِ لَقَدْ حَدَوْتُ بِهِشَامَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِك فَأَمَرَ لِي بِثَلاثِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَقالَ الْمَنْصُورُ: مَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. يَا رَبِيع! وَكِّلْ بِهِ مَنْ يَسْتَخْرِجُ مِنْهُ هَذَا الْمَالِ. قَالَ الرَّبِيعُ: فَمَا زِلْتُ بَيْنَهُمَا حَتَّى شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْدُوَ بِهِ فِي خُرُوجِهِ وَقُفُولِهِ بِغَيْرِ مَؤونة. ١١١ - وَكَانَ الْجَاحِظُ دَمِيمَ الصُّورَةِ، قَبِيحَ الْوَجْهِ، نَاتِئَ الْعَيْنَيْنِ؛ يُحْكَى أَنَّهُ قُرِعَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ الْبَابُ، فَخَرَجَ غُلامُهُ، فَسُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ في الْبَيْتِ يَكْذِبُ عَلَى رَبِّهِ. فَقِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ وَجْهَهُ، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَنِي فَأَحْسَنَ صُورَتِي. وَكَانَ الْجَاحِظُ هَذَا إِذَا كَتَبَ حَلَّى الْقَرَاطِيسَ بِأَقْلامِهِ، وَإذَا تَكَلَّمَ لَفَظَ الدُّرّ مِنْ كَلامِهِ.

(١) "التذكرة الحمدونية" لمحمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون، المكني بأبي المعالي.

1 / 52