د خوړو لګیدل د اداب منظومې په شرح کې

Muhammad ibn Ahmad as-Safarini d. 1188 AH
67

د خوړو لګیدل د اداب منظومې په شرح کې

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

خپرندوی

مؤسسة قرطبة

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

۱۴۱۴ ه.ق

د خپرونکي ځای

مصر

ژانرونه

تصوف
وَالْأَذَانُ، وَأَدَاءُ الشَّهَادَاتِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْحُقُوقِ، وَالْعِتْقُ، وَالتَّدْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْعُلُومِ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ، فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ مَدَارُهَا عَلَى خَمْسَةِ أَحْكَامٍ: الْوَاجِبِ، وَالْمَنْدُوبِ، وَالْمُبَاحِ، وَالْمَكْرُوهِ، وَالْحَرَامِ، وَكُلُّهَا تَرْجِعُ إلَى تَرْكِ مَحْظُورٍ وَفِعْلِ مَأْمُورٍ، وَذَلِكَ إمَّا قَوْلٌ وَإِمَّا عَمَلٌ، وَالنِّيَّةُ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ، فَرَجَعَتْ أَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ إلَى أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ، وَجَمِيعُ الْأَقْوَالِ مُتَعَلِّقَةٌ أَحْكَامُهَا بِاللِّسَانِ، وَقَلَّ أَنْ يَخْلُوَ فِعْلٌ عَنْ قَوْلٍ، فَاللِّسَانُ مِنْ أَعْظَمِ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: الْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ: قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ احْفَظْ لِسَانَك أَيُّهَا الْإِنْسَانُ ... لَا يَلْدَغَنَّكَ إنَّهُ ثُعْبَانُ كَمْ فِي الْمَقَابِرِ مِنْ صَرِيعِ لِسَانِهِ ... كَانَتْ تَهَابُ لِقَاءَهُ الشُّجْعَانُ وَلَمَّا طُلِبَ مِنْ لُقْمَانَ أَوْ غَيْرِهِ أَطْيَبُ مَا فِي الْحَيَوَانِ أَتَى بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، ثُمَّ طُلِبَ مِنْهُ أَخْبَثُ مَا فِيهِ فَأَتَى بِهِمَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ هُمَا أَطْيَبَا الْحَيَوَانِ إذَا طَابَا، وَأَخْبَثُهُ إذَا خَبُثَا. وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. مَطْلَبٌ: هَلْ الْكَلَامُ أَفْضَلُ مِنْ السُّكُوتِ أَمْ الْعَكْسُ؟ (الْمَقَامُ الثَّالِثُ): فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِمَا ذَكَرْنَا. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى هَلْ الْكَلَامُ أَفْضَلُ مِنْ السُّكُوتِ أَمْ عَكْسُهُ أَفْضَلُ؟ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْكَلَامَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّحْلِيَةِ، وَالسُّكُوتُ مِنْ التَّخْلِيَةِ، وَالتَّحْلِيَةُ أَفْضَلُ، وَلِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ حَصَلَ لَهُ مَا حَصَلَ لِلسَّاكِتِ وَزِيَادَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ غَايَةَ مَا يَحْصُلُ لِلسَّاكِتِ السَّلَامَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ لِمَنْ يَتَكَلَّمُ بِالْخَيْرِ مَعَ ثَوَابِ الْخَيْرِ. قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: تَذَاكَرُوا عِنْدَ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أَيُّمَا أَفْضَلُ الصَّمْتُ أَوْ النُّطْقُ؟ فَقَالَ قَوْمٌ الصَّمْتُ أَفْضَلُ، فَقَالَ الْأَحْنَفُ النُّطْقُ أَفْضَلُ، لِأَنَّ فَضْلَ الصَّمْتِ لَا يَعْدُو صَاحِبَهُ، وَالْمَنْطِقُ الْحَسَنُ يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْ سَمِعَهُ. وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵁: الصَّامِتُ عَلَى عِلْمٍ كَالْمُتَكَلِّمِ عَلَى عِلْمٍ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى عِلْمٍ، أَفْضَلَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَالًا، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ لِلنَّاسِ وَهَذَا صَمْتُهُ لِنَفْسِهِ. قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَيْفَ بِفِتْنَةِ الْمَنْطِقِ، فَبَكَى عُمَرُ عِنْدَ ذَلِكَ بُكَاءً شَدِيدًا.

1 / 74