178

د خوړو لګیدل د اداب منظومې په شرح کې

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

خپرندوی

مؤسسة قرطبة

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

۱۴۱۴ ه.ق

د خپرونکي ځای

مصر

ژانرونه

تصوف
وَكَيْتَ. وَأَطَالَ فِي وَصْفِ تِلْكَ النَّاقَةِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ إنَّهُ اسْتَطْرَدَ مِنْ ذَلِكَ إلَى ذِكْرِ الْوَاشِينَ وَأَنَّهُمْ يَسْعَوْنَ بِجَانِبَيْ نَاقَتِهِ وَيُحَذِّرُونَهُ الْقَتْلَ، وَأَنَّ أَصْدِقَاءَهُ رَفَضُوهُ وَقَطَعُوا حَبْلَ مَوَدَّتِهِ، وَأَنَّهُ أَظْهَرَ لَهُمْ الْجَلَدَ وَاسْتَسْلَمَ لِلْقَدَرِ، وَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّ الْمَوْتَ مَصِيرُ كُلِّ ابْنِ أُنْثَى ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَقْصُودِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ مَدْحُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ وَإِلَى الِاعْتِذَارِ إلَيْهِ وَطَلَبِ الْعَفْوِ مِنْهُ وَالتَّبَرِّي مِمَّا قِيلَ عَنْهُ، وَذَكَرَ شِدَّةَ خَوْفِهِ مِنْ سَطْوَتِهِ وَمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ مَهَابَتِهِ، ثُمَّ إلَى مَدْحِ أَصْحَابِهِ الْمُهَاجِرِينَ ﵃ أَجْمَعِينَ -. هَذَا وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَسْجِدِهِ وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ وَهُوَ مُلْقٍ بِسَمْعِهِ إلَيْهِ وَمُقْبِلٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ عَلَيْهِ. فَهَلْ يَسُوغُ إنْكَارُ إنْشَاءِ الشِّعْرِ وَاسْتِمَاعُهُ وَإِنْشَادُ التَّشْبِيبِ وَاصْطِنَاعُهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ وَأَمْثَالِ أَمْثَالِهَا مِمَّا هُوَ مَأْلُوفٌ وَمَعْرُوفٌ؟ وَهَلْ يَرُدُّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ، إلَّا مُعْتَدٍ غَدَّارٌ، أَوْ جَاهِلٌ بِالْآثَارِ، عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ، وَالسَّلَفِ الْأَخْيَارِ؟ هَذَا مَعَ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ اسْتِمَاعِهِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَحَافِلِ وَعَدَمِ الْإِنْكَارِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَشْعَارِ فِي أُولَئِكَ الْجَحَافِلِ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَمْ يَكُ فِي عَصْرٍ لِذَلِكَ مُنْكِرٌ ... وَكَيْفَ وَفِيهِ حِكْمَةٌ فَارْوِ وَاسْنِدِ (وَلَمْ يَكُ فِي عَصْرٍ) مِنْ الْأَعْصَارِ مِنْ عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى تَدَاوُلِ الْأَعْصَارِ (لِذَلِكَ) أَيْ لِاسْتِمَاعِ الشِّعْرِ وَالتَّشْبِيبِ وَالْمَدْحِ وَالنَّسِيبِ (مُنْكِرٌ) يُعْتَدُّ بِإِنْكَارِهِ، وَلَا رَادِعٌ يُقْتَدَى بِرَدْعِهِ وَازْوِرَارِهِ. وَمَنْ كَرِهَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَعْلَامِ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ يُهَيِّجُ الطِّبَاعَ لِرِقَّتِهِ لَا لِحُرْمَةِ ذَاتِهِ (وَكَيْفَ) يَسُوغُ الْإِنْكَارُ عَلَى إسْمَاعِ وَانِشَادِ الْأَشْعَارِ (وَفِيهِ) أَيْ الشِّعْرِ (حِكْمَةٌ) وَهِيَ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْجَهْلِ. وَقِيلَ الْحِكْمَةُ الْإِصَابَةُ. وَفِي الْقَامُوسِ الْحِكْمَةُ بِالْكَسْرِ الْعَدْلُ وَالْعِلْمُ وَالْحِلْمُ وَالنُّبُوَّةُ وَالْقُرْآنُ وَالْإِنْجِيلُ، وَأَحْكَمَهُ أَتْقَنَهُ. مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِهِ ﷺ إنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً وَأَشَارَ النَّاظِمُ بِهَذَا إلَى مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ وَأَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «إنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْرًا، وَإِنَّ مِنْ الشِّعْرِ حِكَمًا» .

1 / 185